قرأت شاكراً ما كتبت وكتبت اليد ذات السوار وكتب الأستاذ فؤاد السيد خليل، ورضيت ووافقت في الجملة، وأنا رجل لا اكره النقد ولا أطيل النزاع في أدبي وأسلوبي، لاني اعرف من نقائصهما أضعاف ما يتنبه له الناقدون، وما ادعيت لهما الكمال قط، ولكني أنازع فيما أجد فيه خروجاً على الجادة ومضرة للناس كقولك:(ولعللي أصدقك، وقد كنت في ماضي حياتي معلما في مدارس البنات، فهذه المخاوف التي استولت على ذهنك كنا نتصورها، أو قريبا منها، حتى إذا وجدنا أنفسنا في هذا الوسط، أحسسنا أن هؤلاء البنات بناتنا، والمعلمات أخواتنا، وزال هذا الخوف الأسود من مشاعرنا، وصارت الحياة عادية، وهذا شان سائر المعلمين في مدارس البنات
(فرفقاً بالناس وحنانيك، وإنصافاً، يا حضرة القاضي، فالأمر إن شاء الله على ما تحب بفضل القدوة الصالحة، والتهذيب الصحيح، وإلا فلتغلق مدارس البنات، والسلام)
يا أستاذ، إن القضية أهم من أن نضيع الحق فيها في غمرة المجاملات، وان لها من اثر في حياتنا ما يوجب علينا إيجابا الكلام فيها بصراحة ووضوح، كما يتكلم الطبيب في المرض ابتغاء علاجه، وعلى ذلك أقول لك اننا، وما قلت (نا) على سبيل تعظيم نفسي، بل أردت الجمع الحقيقي، وأنا أتكلم عن نفسي وعن كل من قال أنا عربي، وكل من شهد أنه لا اله إلا الله، وأسوق قضايا لا أظن أن في الدنيا عربياً أو مسلماً يعارض فيها.
أقول لك: إننا لا نجد مدارس البنات في الشام على ما نحب، بل على ما نكره اشد الكراهية، وعلى ما نألم منه ونشكو ونستغيث، وإذا فتشنا عن القدوة الصالحة في مصر وجدنا مدارس مصر أدهى وأمر، ووجدنا أن مدارس البنات في الشام إذا قيست بمدارس مصر كانت مساجد، واشهد أنه ما جاءنا هذا الذي نشكو منه إلا من مدارسكم ومجلاتكم وأقلامكم. ولا تحسب أني أتعصب للشام، ولا تأخذك عصبية لمصر، فأنا أيضاً مصري الأصل طنطاوي، ولقد أحببت مصر وعشت فيها زمنا، وأنا قادم إليها الآن لأعيش فيها