للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المخاطب خالي الذهن، وينعى على العلماء إهمالهم هذا القسم الرابع يقول (وعلى ذلك يتضح لنا أن إغفال الحالة الرابعة وهي حالة خلو الذهن في باب القصر غير مبني على نظر صحيح). (فمثلا يجوز لك أن تقول لخالي الذهن تماما: لا اله إلا الله اعتمادا على ما يقدرونه في علم النفس من أن الخطأ الأول يصعب إصلاحه، والصورة الأولى يعسر محوها).

(أما نحن فنقول لهم إن أسلوبكم يقتضي أن ترددوا مواقف المخاطب بين هذه الأحوال الأربعة فلم اغتنم الحالة الرابعة؟) والذي نؤكده أن تقسم العلماء مبني على نظر صحيح، وأنه لا حالة رابعة هناك حتى نتهمهم بأنهم أغفلوها، وأدنى نظر في طبيعة القصر الإضافي يرشدنا إلى ذلك فلا يدفعه أن يكون المخاطب عارفا بالمثبت والمنفي فأنت تقول له: شوقي شاعر لا كاتب إذا كان يعلم هاتين الصفتين في شوقي فيثبتهما معا أو ينفي أحدهما أو يتردد فيهما، أما إذا قلت هذا القول وهو يجهل كل الجهل شاعرية شوقي وكتابته كان كلامك خلفا من القول، وبعيدا عن اعتبار البلغاء، فإذا أردت أن تلاحظ هذه العلة النفسية، وأن تؤكد له من بادئ الأمر رجعنا إلى جهة أخرى وهي الكلام على مقتضى الظاهر، ويقال حينئذ إن المتكلم نزل المخاطب الخالي الذهن منزلة المنكر أو المتردد أو العاكس ويرجع الأمر إلى قسم من هذه الأقسام الثلاثة، والعلماء انما يدركون المقاسم الأصلية، أما الأمور المنزلة فيرجعونها إلى مشابهاتها، ومعروف ذلك عند من درس فهم يجعلون اضرب الخبر ثلاثة، ثم ينزلون المنكر منزلة غير المنكر، وينزلون غير المنكر منزلة المنكر، وهكذا. ولا يحق لنا أن نقول إن هذه اضرب أخرى للخير، على أن المثال الذي ذكره الأستاذ (لا اله إلا الله) لخالي الذهن لا يصح مطلقا أن نجعله من القصر الإضافي، وإنما القصر فيه حقيقي تحقيقي، وهذه الأقسام الثلاثة كما هو معروف لا تتأتى في القصر الحقيقي.

٤ - وهذا بحث جديد يريد أن يطالعنا به أستاذ الجامعة. العلماء قصروا في أغراض القصر، وحصروها في النفي والإثبات وهو أمر يجب أن نؤاخذهم به (والذي نأخذه على صاحب الإيضاح ومن لف لفه من البلاغيين أن شعورهم كان يجب أن يتسع حتى يمل ما وراء القصر بأنما من أنواع القصر، فكان يجب أن يوسعوا حسهم أكثر من ذلك فليس

<<  <  ج:
ص:  >  >>