وتحايلها وأفانينها في اللعب بالرجل - تصويرا أريد أن أقول إنه (كاريكاتوري) مستعيرا له هذه التسمية من ذلك التصوير الذي يقوم على المبالغة في إبراز الخصائص، وعلى هذا يمكن أن تحمل تلك المواطن التي بدت فيها عبلة على خلاف ما تجري به العادة في واقع الحياة، كدؤوبها على العبث واللهو بعد ما قيل من موت عنترة، وكفتورها في استقباله بعد غيبته الطويلة على رغم حبها له.
ولكن ما بال عنترة يستقبل منافسه في خطبة عبلة بالترحيب والتكريم حيث كانت تقتضي طبيعة الموقف وطبيعة الفارس البدوي أن يلقاه بسيفه؟ حدث ذلك عندما جاء هذا المنافس بعد إحضاره النياق العصفورية التي طلبتها منه عبلة، فوجد عندها عنترة، وكان عنترة أيضاً قد عاد من سفره الطويل الذي دفعته إليه لجلب الزمرد الذي اشترطته ليتم زواجهما، ونراه بعد أن يأتي لها به وبعد ما تجشم في سبيله يستقبل خاطبها الآخر ويهنئهما. . . وقد يقال إن أحداث السفر قد غيرته وجعلته يسلو، ولكن ماذا يبرر ذلك الموقف الغريب حينما بعث حبه، وعاد في هواه سيرته الأولى، واستحر العناق بينه وبين عبلة، وفاجأهما منافسه، وإذا عنترة الفارس الذي استعاد صبابته يسلم إلى هذا المنافس حبيبته التي أفلتت من بين ذراعيه، ويخاطبه كالمعتذر. . . ويغادرهما ذاهبا إلى شانه.؟
وهنا نقول إن المؤلف آثر المرأة بعناية، إذ كان يهدف إلى إبراز خصائصها بذلك التصوير (الكاريكاتوري) ولكنه أهمل الرجل فصوره ذلك التصوير العجيب، ولم يدبر أمره على سنن الواقع ومقتضيات الطبيعة، ولم يبد لنا من هذا الصنيع هدف يبرره.
وقد كانت هذه الرواية على مسرح الأوبرا مجلي بالإخراج الفني البارع المتقن، وعرس اللغة العربية في جلوتها ورنين جرسها على السنة الممثلات اللائى أثبتن أنها لغة رقيقة. . . رقيقة. . .
وهي مدعاة إلى استخذاء مؤلفي التمثيليات باللغة العامية الذين صدعوا رءوسنا بهرائهم، ووجعوا بادعاءاتهم التي لا تدل إلا على العجز المبين.
ومن العجيب انهم يمثلون بالعربية الروايات المترجمة، ويؤلفون بالعامية التمثيليات المصرية، كأن العربية في البئية الغربية أبين منها في البيئة المصرية! واعجب العجب تمثيل قصص باللغة العامية وقعت في العصور العربية من جاهلية أو أموية وعباسية! وما