للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهناك مسألة أو مسألتان حيتان في الكتاب، ولا تزالان تعيشان لأنهما إنسانيتان: مشكلة الإيمان بالإنسان، ومشكلة الإيمان بالأديان.

فأما الأولى فهي قضية الأستاذ عبد المنعم خلاف في كتابه (أومن بالإنسان). وقد شغلت من كتاب (هذي هي الأغلال) نحو أربعين صفحة أولاً، وتغلغلت في ثنايا الكتاب كله أخيراً.

وأما المشكلة الثانية فقد عولجت بسلسلة من المغالطات والأغلاط تتلخص في أن روح التدين تخالف روح الحياة، وأن المتدين لا يمكن أن يكون رجل دنيا. . . وهذا المنطق لا يستحق الاحترام لأن الشواهد الواقعة تنفيه، ولأن الدين روح حافز للعمل ولا سيما في الإسلام الذي يصب عليه المؤلف جميع أوزار التأخر والانحطاط وإن عاد فالتوي ونفي عن الدين ذاته هذه الأوزار في نفاق ظاهر يستحق الاشمئزاز دائماً، ولا يثير الاحترام.

٢ - ولعل الجواب عن السؤال الثاني يكون قد اتضح من الجواب على السؤال الأول؛ فالنفاذ إلى صميم المشكلات يستدعي قسطاً من الاستقامة والإخلاص. وهذان العنصران مفتقدان في الكتاب كله.

فهو مثلاً يتلخص في سماتِ التفكير الإسلامي من أوهام العامة وخرافاتهم، ومن أقوال لبعض المتصوفة وأمثالهم، بدل أن يستخلصها من مجموعة المفكرين والمشرعين والفاتحين والعاملين في التاريخ الإسلامي الطويل. فالحضارة الإسلامية كلها وعمارة الأرض وسياستها في جميع العصور ليست داخلة في حساب المؤلف، وليست دليلاً على شيء من خصائص العقلية الإسلامية. إنما الذي يصور هذه العقلية وحده دون سواء. أقوال كهذه الأبيات:

من أنت يا أرسطو ومن ... أفلاط قبلك قد تجرد

ما أن تنمو لا الفراش ... رأى السراج وقد توقد

فدنا فأحرق نفسه ... ولو اهتدى رشداً لأبعد

وكلمات للمتصوفة والزهاد يذمون الدنيا والعلم والعقل، ويمدحون الزهد والبلاهة والغيبوبة.

أولئك هم جميع المسلمين في نظر المؤلف، وهذه هي عقليتها الإسلامية التي يجرد قلمه لينسفها نسفاً، فيقف جماعة من نقاد مصر يعجبون بهذا القلم القوي البتار!!!

وبمثل هذا الالتواء المريب يواجه مسألة التدين ومسألة الأخلاق، ومسألة الأرض والسماء،

<<  <  ج:
ص:  >  >>