للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شيئاً يسيراً من علم الصيدلة. إلا أنه أتخذه طبيباً لما جرى منه واستخصه وأكرمه غاية غاية الإكرام وحظي عنده، وخاصة عندما علم أنه عنّين.

واستبقاه الهادي، وظل مكرماً عنده. وعندما مرض الهادي جمع الأطباء. وكان فيهم أبو قريش، فقال لهم: أنتم تأكلون أموالي وجوائزي وفي وقت الشدة تتغافلون عني. فقال له أبو قريش: علينا الاجتهاد، والله يهب السلامة.

ثم استدعى له بختيشوع بن جورجيس من جنديسابور، فداواه وشفى. ثم كادت له الخيزران فاعاده المهدي إلى جنديسابور.

وكان ممن حظي عند الهادي الطيفوري المتطبب، وكان حاذقاً، وكان متطبب ومربيه في رضاعه وطفولته وكبره. وهو جد إسرائيل بن زكريا الطيفوري طبيب الفتح بن خاقان.

أما الرشيد، فقد أعاد بختيشوع؛ فقد مرض سنة ١٧١هـ. من صداع لحقه، فقال ليحيى بن خالد: هؤلاء الأطباء ليسوا يفهمون شيئاً. فقال له يحيى: لما مرض أخوك الهادي، أرسلوا إلى جنديسابور فأحضروا رجلاً يُعرف ببختيشوع. فقال الرشيد: كيف أعاده وتركه؟ قال لما رأى والدتك، والطبيب عيسى أبا قريش يحسدانه، أذن له بالانصراف إلى بلده، فأمر الرشيد بحمله. فورد بختيشوع ودخل على الرشيد فداواه. وأكرمه الرشيد وخلع عليه خلعة سنية. ووهب له مالاً وافراً، وقال له: تكون رئيس الأطباء، ولك يسمعون ويطيعون.

ثم حل جبرائيل بن بختيشوع عند الرشيد محل أبيه. وقد خص بادئ أمره بجعفر بن يحيى؛ وذلك أن جعفر هذا مرض، فتقدم الرشيد إلى بختيشوع بن جورجيس بأن يخدمه. وكان من أدب الطبيب إذا كان خاصاً بالملك أن لا يخدم أحداً من أصحابه إلا بأمره، ولما أفاق جعفر من مرضه قال لبختيشوع: أريد أن تختار لي طبيباً ماهراً أكرمه وأحسن إليه. قال له بختيشوع: لست أعرف في هؤلاء أحذق من أبني جبرائيل وهو من أمهر مَنْ في الصناعة. فقال: أحضرنيه. فلما أحضره شكا إليه مرضاً كان يُخفيه، فدبره في مدة ثلاثة أيام وبرأ. فأحبه جعفر مثل نفسه وصيره رئيس الأطباء، وكان لا يصبر عنه ساعة، ومعه يأكل ويشرب.

وقد أتصل جبرائيل بالرشيد بسبب حظية له. فقد كان للرشيد حظية فُتن بها، تمطت ذات يوم ورفعت يدها، فبقت منبسطة لا يمكنها ردها. والأطباء يعالجونها بالتمريخ والأدهان ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>