للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأما قصص هؤلاء الناس (الذين يصلهم بك) فأنه - يا أخي القارئ - ليست من هذا الطراز الذي ألفنا قراءته وتكراره، ولكنها ضرب جديد من القصص، (جديد إلى أبعد ما في خيالك من تصور للجديد)، ما رأيت من مثلها فأقربها إليك تشبيهاً، ولكنني أصفها. وأين الخبَرُ من الخُبْر؟!:

إنك لو وقفت حيال هذه القصص، لألفيتها قائمة على التحليل النفسي للطبيعة البشرية، وعلى تصوير الانفعالات المستندة إلى العوامل الموروثة، التي تمثل النوازع الإنسانية العميقة تمثيلاً صادقاً. وهو في خلال ذلك كله يستهدف الإصلاح الاجتماعي، شاملاً من جميع نواحيه.

وله في هذا الباب قصة أخرى عنوانها (سليم أفندي)، وهي تحليل شامل لما يعترض النفس الإنسانية من اضطراب وقلق، ولما يؤدي إليه مركب النقص من تصرفات وأوضاع، والقصة في إجمالها وتفصيلها تنحصر في دائرة القصة السالفة من جميع نواحيها.

وحين أعرف لك الأستاذ العامري في الحال الثاني (أي حين يكتب في فلسفة الحياة)، أقفك كذلك عند كتابه (نحو الحياة). وهذا الكتاب سرد من التفاؤل المطلق، مرتكز على المحاكمة والاستقراء، وقائم على منطق التدرج. فهو يرى فيه أن طبيعة الحياة إيجابية، وأنها تتقدم من تلقاء نفسها باطراد إلى الأمام، وأن مستقبل البشرية إلى خير، على الرغم مما يبدو في جوها - وما بدا إلى الآن - من اكفهرار واضطراب. وإليك نمطاً يبين الأسلوب الذي يلتزمه في مثل هذا الحال، وذلك حين يقول:

(. . . طبيعة الإنسان نفسها تأبى الردة، الإنسان والحيوان والنبات، هذه الأحياء كلها تبحث عن الجمال والقوة. والحياة تنتج باستمرار أجيالاً أقوى وأجمل. فلو يركَّب في الناس ذوق (مثل حب القبح)، ولو كان (الظلم) هو ما تهواه الطبيعة البشرية في قراراتها، لفكرت أن الحياة يمكن أن تتأخر!!.

الناس اليوم أطول أعماراً من آبائهم الأولين، والناس اليوم أكثر إحساساً بالكرامة. وأرفع مستوى في العيش مما كانوا من قبل. وتوزيع الثروة (وإن يكن اليوم منطوياً على إجحاف) أكثر انتشاراً منه فيما مضى من قريب. والمظلوم اليوم أجرأ وأرفع صوتاً في المطالبة بحق. وحالتنا الحاضرة - في بعض البلاد الراقية - خير من بعض صور (المدينة

<<  <  ج:
ص:  >  >>