الملكان فإذا بذلك الروح يوسوس لحواء في إذنها وهي نائمة فتحلم بالذي يقول، ويأخذه الملكان فيجرانه جرا إلى جبريل، ويسأله جبريل عن فعلته، فيجيب مستكبراً مستهزئاً، ويتأهب للعنف والمقاومة، ولكنه لا يلبث أن يجد نفسه، وقد منع ذلك منعاً من السماء فيطير ويهرب من الجنة.
ويتنفس الصبح فتقص حواء على آدم ما كان في حلمها الذي شغل نفسها؛ وبهذا يفتتح الشاعر الكتاب الخامس؛ ويكره آدم هذا الحلم ويفر منه ولكنه يعمل على تهدئتها ويجتهد أن يصرف عنها ما يشغلها من وساوس.
ويقبل آدم وحواء على عملهما اليومي ويقرآن صلاتهما عند باب عشهما وينشدان نشيدهما يسبحان بحمد ربهما؛ ولكيلا يكون للإنسان على الله حجة يرسل الله روفائيل ليذكرهما بطاعته وامتثال ما نهاهما عنه، ولينذرهما أن الشيطان لهما عدو وأنه على مقربة منهما، ويبين لهما لم كان الشيطان لهما عدواً مبيناً إلى غير ذلك مما يجب أن يعلمه آدم من علم ينفعه.
ويهبط روفائيل فيدخل الجنة، ويصف الشاعر ظهوره في ربوعه؛ وتأخذه عينا آدم من بعد وهو جالس بباب عشه، فينهض للقائه ويسلم عليه ويدعوه إلى مقره، ويقدم له أطيب ما اختارته حواء من فاكهة الجنة؛ ويتحاور آدم وروفائيل حول الخوان؛ وينبئه روفائيل بما جاء من أجله ويحذره من الشيطان ويذكر له ما يضمره له ولزوجه من العداوة والبغضاء؛ ويقص عليه استجابة لطلبه من هو هذا العدو وكيف أصبح لهما عدواً، ولماذا ينطوي على العداوة قلبه مبتدئاً بما كان من تمرده في السماء على خالقه وما أعقب ذلك من غضب الله عليه وإلقائه إلى الجحيم.
وهنا يصف الشاعر على لسان روفائيل تلك المعركة التي أدارها الشيطان الأكبر على رأس قبيلة، والتي أجمل الشاعر الإشارة غليها في مفتتح القصيدة
ويستطرد روفائيل في أول الكتاب السادس ليتم كيف دارت المعركة فيصف كيف أرسل ميكال وجبريل ليحاربا الشيطان وهو ثائر متمرد على رأس جنده، وكيف وقف القتال في اليوم الأول عند نزول الليل، وكيف جمع الشيطان مجلساً من أعوانه الثائرين فابتكروا أسلحة أوقعت ميكال وجنده في شيء من الحيرة والاضطراب، وكيف استحر القتال فافتعل