نهر النيل - قناة السويس - حضارة قدماء المصريين - مصر في عصر فاروق - واجب المصري - مصطفى كامل - سعد زغلول. الخ فنكون بذلك وحدة وثيقة خالية من التكرير المربك بعيدة عن التشتيت المزري.
وأشنع من هذا وأبشع أن الكتاب - الذي يعاد طبعه كل عام - قد خلا من كل ما يتصل بالأحداث الجديدة التي شهدتها التلاميذ وسرت في عروقهم، واستشرفوا للقراءة عنها والحديث فيها - كالحرب الأخيرة، وغلاء الأسعار، وجشع التجار، واختراع القنبلة الذرية، ولؤم الاستعمار، وخطر الصهيونية، ونكبة فلسطين، فكل هذا يشوق التلميذ مطالعته وحرام أن نقتل هذا الشوق في نفس التلميذ ونرميه بموضوعات جامدة صالحة لكل زمان ومكان لا تتغير بتغير الأحداث.
ومن المضحك المبكي أن تقرأ في القطعة الثانية من الكتاب فتجده، يتمدح بالمعاهدة معاهدة سنة ست وثلاثين وتسعمائة وألف، وقد طواها الزمن فيما طوى، وأطفأ لمعانها، وأسقط شهابها، وبرئ منها أهلها، ونادت مصر كلها بسقوطها، وطالبت بإلغائها، ويتمجد بدخول مصر في عصبة الأمم، وقد أصبحت العصبة اليوم في ذمة التاريخ، وذهبت غير مذكورة ولا مشكورة.
ومما ينبغي الالتفات إليه بعين يقظى أن المدرسين يعمدون إلى كتاب المطالعة فيختارون منه قطعا شعرية يحفظها التلاميذ، وقد خبرت هذه القطع فوجدت كثيراً منها خاليا من الروح الشعرية والجمال الفني، ميتا مدرجا في كفن بال، وما يصح قط أن يكون من محفوظات ذلك العصر الذي يعج عجاجه بالممتع الرائع من الشعر الحديث المتصل بالأحداث القائمة أو القريبة العهد. خذ مثلا قصيدة الإمام الشافعي رضي الله عنه، في الحث على السفر:
ما في المقام لذي عقل وذي أدب ... من راحة، فدع الأوطان واغترب
سافر، تجد عوضاً عمن تفارقه ... وانصب، فإن لذيذ العيش في النصب
ابحث عن الروح الشعرية الجميلة بين هذا الرصف المرصوف فلن تجدلها أثراً، بل لن تجد مزية له على الكلام المبتذل، إلا مزية النظم، وهي أهون المزايا. حكم، وإن أردت التجديد فقل: نصائح، لا قيمة لها في وزن التلميذ، وأكاد أكتب: لا قيمة لها في نفسها. فهل