العباسي، وبايع الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وأرسل البردة والقضيب والمنبر إلى مصر.
وقد فرح المستنصر بنجاح ثورة البساسيري فرحاً شديداً، حتى أنه لما غنته إحدى القيان:
يا بني العباس صدوا ... ملك الأمر معد
ملككم كان معرا ... والعوارى تسترد
وهبها هبة كبيرة. ويقول أبو المحاسن، وكان ما وقع للمستنصر هذا تمام سعده، والحقيقة أن ما وقع للمستنصر ما وقع لفاطمي قبله.
واكن كانت هناك حقيقة عظيمة لا تغيب عن الذهن هي أن الدولة الفاطمية كانت قد بدأت بدورها تتدهور هي الأخرى، ولذلك لم تتح لها مواردها السير في مشروعها ضد العباسيين إلى النهاية. كما أن المستنصر خاف من البساسيري فكف عن متابعة إمداده، فما عاد طغرلبك إلى بغداد حتى تمكن من قتل البساسيري وفتك به، وأجلس القائم بأمر الله ثانية على عرش أجداده، وأعاد للخلافة قوة لم تكن تحلم بها في عهد البويهيين وإن كانت روحية أكثر منها مادية. والدولة السلجوقية دولة فتية، ولذلك نجدها تقوم بفتوحات تمتد شرقا وغربا، فتشارك الفواطم ملكهم في الشام، كما نجد أن اتابكة الشام السلاجقة يتدخلون في سياسة مصر وبخاصة أتابكة الدولة الزنكية، وينتهي الأمر باستيلاء صلاح الدين على مصر فيما بعد.
كذلك كانت هناك حركة ثانية حديثة في عهد السلاجقة، وتبين نوعاً من العلاقة بين الفواطم والعباسيين، وإن كانت علاقة غير مباشرة. وهي حركة سرية تعتبر من أقوى ما عرف من الحركات في العالم. هذه الحركة هي حركة الحسن الصباح المشهور بالحميري. حدثت حركته في أواخر القرن الخامس الهجري، وكان هذا الرجل من زملاء نظام الملك الوزير المشهور (في المدرسة) وعمر الخيام الشاعر والفلكي الذائع الصيت. . وكان يأمل أن يصل إلى الحكم كزميله نظام الملك مثلا ولكنه فشل في غرضه، فذهب إلى بلاط القاهرة، فتشبع بروح القاهرة الديني وأكرمه المستنصر كما يقول ابن الأثير وأعطاه مالا وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته. وعلى ذلك ذهب من مصر إلى آسيا فاستولى على قلعة الموت، وكون جماعة عرفت في أيام الصليبيين باسم الحشاشين، ومنها أخذت الكلمة بمعنى قاتل سفاك،