الأرض فساداً، وتكفرون النعم، ولا ترعون حرمة ولا ذماماً ولا عهداً، وتتآمرون على المسلمين تحت الليل، وتعدون عليهم غارين آمنين؟ ووالله لقد صبر عليكم عمر صبراً طويلاً، ولو كان حز رقابكم جزاء بما تصنعون لقل ذلك لكم.
قال ابن الحارث: لشد ما تهتم علينا أيها الناس، فوالله ليكونن لهذا اليوم الذي إذللتمونا فيه وفضحتمونا وأجليتمونا عن أرضنا وأرض آبائنا يوم مثله يكون لنا عليكم، فقد جاء في كتبنا أنه سوف يجئ يوم تدخل فيه اليهود على أبناء يعرب هؤلاء فتذيقهم بأساً شديداً وعذاباً غليظاً، حتى ترى اللقمة في يد المسلم قد أدناها إلى فيه فإذا على رأسه رجال من أشداء يهود تنفره حتى يدعها لهم. ولتدخلن نساؤنا على نسائكم حتى لا تبقى امرأة منكم إلا نامت بشر ليلة مما تلقي من نسائنا، ولنسوقنكم كما سقتمونا حتى نجليكم عن ديار آبائكم وأجدادكم ولنفعلن الأفاعيل حتى تكون لنا الكلمة العليا ونحن يومئذ أحق بها. ووالله ما نصبر على ما آذيتمونا إلا انتظاراً لما يكون غداً كما قال أنبياؤنا. وكأني أنظر إلى غدٍ، فأرى وجوه الأحباب من بني إسرائيل قد سقطت عليكم من كل فج كأنهم جراد منتشر تأكل يابسكم وطريكم، ولا تدع لكم موطئ قدم إلا كان تحته مثل جمر النار. وإنكم لتقولون إن الله قد ضرب علينا الذلة والمسكنة، فو الله لئن صدقتم اليوم إذ أمر أمركم، لتعرفن غداً أننا شعب الله الذي لا يرضى له الله بالذلة والمسكنة، ولقد كنا ملوك الأرض فدالت دولتنا كما دالت من قبلها دول، ولكن الله بالغ أمره يوم تدولون كما دلنا ويعود الأمر إلينا، فنحن قوم أولو بأس شديد، ونحن أهل الكتاب الأول، ونحن أتباع الحق. فإذا جاء ذلك اليوم يا أبا عبد الرحمن فستعلمون أينا أشد باسا وأشد تنكيلا. فو الله لنتخذنكم لنا أعواناً على أنفسكم، ولنضربن غاديكم برائحكم ومقبلكم بمدبركم، ولنوقعن الفتنة بينكم حتى يصبح الرجل منكم مؤمنا ويمسي كافراً، وليكونن لنا من أنفسكم رجال يخربون بيوتهم وبيوت آبائهم وهم عنا راضون ولنا مطيعون!
قال محمد بن مسلمة: فسمعت الرجل يقول قولاً كبيراً، فقلت له: لئن صدق أنبياؤكم فكان ذلك، فما صدقوا إلا ليصدقوا رسول الله في خبره، فأنتم اليوم أشتات مبعثرون في جنبات الأرض، وليزيدنكم ربكم فرقةً وشتاتاً، فإذا جاء ذلك اليومفدخلتم علينا أرضنا وعلا أمركم في حيث يشاء الله منها، فلكي تتم فيكم كلمة الله وليعذبكم وليستأصل شأفتكم من أرضه،