شحن الكتاب بذكريات له عن أطوار في سياسة الشرقيين، ووثبات التحرر والانعتاق في ربوعهم.
ومما ألح في هوايته في سنيه الأخيرة وقد ساقه إليه شغفه بحب قوميته وإعجابه بحضارة أمته في الأعوام المطوية (تاريخ الأندلس) بعد أن خلبت لبه آثارها الباقية في بلاد المجد المفقود عندما وقف على مشاهدها فانصرف إلى تأليف كتابه النفيس: (الحلل السندسية) الذي طبع منه بضعة أجزاء ولما يتمه.
وشاء أن يسجل رحلته إلى البلاد المقدسة في رسالة ممتعة هي (الارتسامات اللطاف). وحفزه وفاؤه لإخوانه وبره لأصدقائه إلى وضع كتاب:(السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين عاما). تقف في تضاعيفه على مراحل فكرة الجامعة الإسلامية والثورة العربية، وكثير من مناورات دول أوربا وألاعيب الاستعمار في هذه لرقعة من الشرق.
إن مخلفات الأمير شكيب وتصانيفه الخالدة كثيرة، لا تستوعبها هذه الكلمة، فحسبي أنني أشرت إلى بعضها، وعندي أن من واجب أصحاب المروة، وأعوان الفضل، والمقدرين للرجال أن تتألف منهم جماعة (لتخليد ذكرى أمير البيان) وأول عمل تتوجه إليه، لإشادة بناء هذا التخليد البحث عن كتاباته ودراساته ورسائله التي لما تطبع، فتطبعها في كتب يتيسر اقتناؤها إحياء لذكراه، وإتماماً لرسالته وتعزيزاً للفكرة العليا التي اهتدى بها الراحل الهمام في جهاده.
ومن رسائله الطريفة التي تحمل فكرته الإصلاحية ما نشر بعنوان (لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟) وهي فصول كتبها المصلح الإسلامي جواباً على اقتراح من الشيخ محمد بسيوني عمران إمام مهراجا جزيرة سمبس برنيو (جاوه)، بأن يكتب لمجلة (المنار) في أسباب ضعف المسلمين في هذا العصر وأسباب قوة الإفرنج واليابان وعزتهم بالملك والسيادة والقوة والثروة، فكتب شكيب رأيه، وطبع في كتاب مرتين بعد أن أذاعته المجلة الشهيرة.
يعتقد الامير الكاتب في بحثه التحليلي هذا أن عز المسلمين قام أول الأمر بالتمسك بأهداب الإسلام الصحيح، والاهتداء بهدي القرآن الكريم، فلما فقد العرب والمسلمون هذا الحماسة وانحرفوا عن التعاليم القوية ضعفوا وهانوا، فلم يبق لهم اليوم سخاء الإفرنج في