للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما أنه يسدل أستاره على المتحابين، فهو بهذا جدير أن يرعاه الشعر والغناء. كما في الخانة الثانية من توشيح أما ومن بالجمال أنعم:

يا ليل إن الحبيب وافى ... فشد يا ليل دهم خيلك

وانهض ورد الصباح عنا ... دخلت يا ليل تحت ذيلك

وكقول إبن خفاجة:

يا ليل وجد بنجد ... أما لطيفك مسرى؟

وقول سعيد بن حميد:

يا ليل بل يا أبد ... أنائم عنك غد؟

يا ليل لو تلقي الذي ... ألقى بها أو تجد

وعلى هذا المذهب جرى الأستاذ شلفون، مرددا قول شوقي في عبده الحمولي:

يسمع الليل منه في الفجر يا لي ... ل فيصغي مستمهلا في فراره

كما جرى عليه مؤتمر الموسيقى، قال: الغناء بكلمة يا ليل هو نداء الليل بألحان شجية مع مراعاة المقامات، وقد يكون هذا موزونا بميزان يسمى البمب أو الوحدة المتوسطة أو أوزان أخرى مثل السماعي الدارج والأقصاق والسماعي الثقيل.

المناقشة:

١ - لاشك أن النفس تأنس بمذهب الجمهور هذا، لما أن اللفظ جاء على حده فلا يحاد عنه إلا بدليل، لكن هذه الظاهرة ظاهرة اللفظ جاء على حده دحضها جمهرة من الألفاظ تولاها الباحثون، دون أن تغرهم هذه الظاهرة، وما عهد قراء مقالتنا: (حلب) ببعيد.

٢ - إن الكثير بل الأكثر الأعم من الغناء، لا مساس له بالليل.

٣ - قد تجيء (يا ليلي) مردفة بقولهم: يا عيني ويا سيدي الأمر الذي يرجح أنها نداء الإنسان.

٤ - ليس في الأدب العربي كله قصيدة افتتحت بياليل وتداولتها الألسن مثل قصيدة (يا ليل الصب متى غده) ادعاها الكثير، وعارضها الأكثر، وحفظها على توالي العصور مئات الألوف من شداة الشعر، فما كان يقعد هؤلاء المعجبين بها المغالين بالإطراء عليها، أن يشيدوا بأنها طبعت الغناء بطابع مطلعها، لو كان ذلك صحيحا؟ إن شيئا من هذا لم يكن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>