سورة الطلاق (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلَهن، يتنزل الأمر بينهن، لتعلموا أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما.)
إن ال في الأرض هنا هي حتما للجنس لا للعهد، بدليل قوله تعالى (مثلهن). والسموات السبع متعددة، ليس في ذلك شك فلابد أن تكون الأرضون السبع متعددة أيضاً على نفس النحو والنمط لتتحقق المثْلية المنصوص عليها في الآية، لا أنهن سبع طبقات في أرضنا هذه كما فهم الناس ويفهمون. فأرضنا واحدة وليس يفهم العلم ولا الناس من لفظ الأرض إذا أطلق إلا أرضنا هذه جملة، بحذافيرها وطبقاتها كلها. فتفسير الأرضين السبع بطبقات سبع في هذه الأرض تفسير لا يتفق مع اللغة، ولا العلم، ولا القرآن، ولا مع الحديث الكريم (اللهم رب السموات السبع وما أظْلَلْن، وربَّ الأرضين السبع وما أقللن) لمن يدقق في تفهم الحديث وتوجيه على المعنى المألوف.
هذه النتيجة التي تتفق مع حرفية القرآن وحمله على الحقيقة اللغوية لا على المجاز تحل لنا وللإنسانية مشكلة السموات السبع حلا حاسما. فقد عجز الناس إلى الآن عن الوصول إلى فهمٍ للسموات السبع ليس عليه اعتراض. قالوا إنها السيارات السبعة فظهر من السيارات عشرة ليس من بينها القمر كما كان يقول اليونان. وقالوا إنها سبعة عوالم في السماء فكانوا كأن لم يقولوا شيئاً، إذ ليس هناك ما يحدد معنى عوالمهم هذه، والعوالم والأكوان أكثر من سبعة بكثير. لكن تعال الآن إلى المعنى القرآني المتبين آنفاً، وتذكر الارتباط والمقابلة بين أرض وسماء في اللغة لفظا ومعنى، وطبِّق ما تفهم من السماء بالنسبة لهذه الأرض على كل أرض من الأرضين الست الأخرى، يتحدد معنى السماء وعددُها بتحدد معنى الأرض وعددها؛ أو إذا جئت المسألة من الطرف الآخر، يتحدد معنى الأرض وعددها بتحدد معنى السماء وعددها. (الله الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلَهن)! سبع سموات وسبع أرضين، كل أرض تحدد سماءها! وأكبر الظن أن مرقب المائتي بوصة الجديد المنتظر إتمام صنعه قريبا سيكشف مع الزمن عن بعض هذه الارضين فتتجدد بذلك آيات أخرى من آيات إعجاز القرآن.
بقيت نقطة واحدة لعل من الخير استيفاءها. أخبرنا الحق سبحانه أن السموات السبع كن قبلُ سماء دخانية واحدة وهذه الأرض مخلوقة، فهل أخبرنا سبحانه في القرآن شيئاً عن هذه