للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتجاذبان أطراف حديث قصير. ثم يهبط الستار وهما يضحكان.

فإذا كان الفصل الثاني فنحن في غرفة العرس التي قضى فيها العروسان ليلتهما. وهما يتحدثان عن تلك الليلة فنفهم أن (أود) قد وهبت خطيبها الجندي أعز ما تملك الفتاة العذراء! وهي تذكر له أن هناك أشياء كثيرة لا يزالان يجهلانها ومن بينها ما هو في منتهى البساطة. وهي تعطي مثلا على ذلك أنها لم تره من قبل، ذلك أنها لم تره قط وهو مغمض العينين. ولذا تطلب إليه أن يغمض عينيه، فيفعل. ثم يخبرها أنه قد فهم ما تريده من وراء ذلك فإن عينيه المغمضتين تذكرانها بموته! فتنكر ذلك في ضعف. ولكنها تعود فتسأله ثانية عما إذا كانت الحرب قد انتهت حقا كما كان قد أخبرها. وتلح في سؤالها إلحاحاً شديداً وعندئذ يصارحها بأن الحرب لم تنته وبأنه لا يزال أمام النصر النهائي مدة طويلة؛ وهي تذعر من هذا النبأ وتلومه على أنه أطاعها وصارحها بالحقيقة، وتخبره بأنه ما كان يجب أن يعبأ بإلحاح امرأة مفتونة! وهو يلحظ مبلغ وقع النبأ عليها. وكيف أنها أحست بشبه خيبة في حبها له. فسوف تضطر مرة أخرى إلى انتظار مدة طويلة وهي تتوسل إليه أن يبقى إلى جانبها ولكنه يجيبها أنه وحده دون باقي زملائه في الثكنة قد استطاع الحصول على إجازة. وأن قائده قد اشترط عليه وجوب العودة بمجرد استدعائه. وها هو قد استدعى. ولابد أن يكون الجيش في خطر. فقد أخبره قائده أنه لن يستدعيه إلا إذا كان هناك خطر داهم. وهو بناء على معلوماته وبعد ورود تلك البرقية أصبح يوقن بأن المعركة الفاصلة ستدور رحاها يوم الأحد القادم، ولذا يجب الرحيل عند الفجر. وهو ينتقل بعد ذلك فيلقي كلامه كما لو كان ينطق بلسان كل جنود الجيش الفرنسي. فيذكر لها كيف يحب أولئك الجنود نساء فرنسا. وكيف يموتون وهم يذكرونهن ويتمثلون ابتساماتهن الساحرة. وتتملكه فجأة نوبة يأس وأسى فيخبرها أن هذه الحرب لا تعدو أن تكون كسابقاتها من الحروب، لا تكاد تضع أوزارها حتى يكتفي الشعب بأن يلبس الحداد في استهتار وعدم اكتراث مدة ما. وتلقى بعض الخطب بجانب التماثيل المقامة للشهداء. ثم سرعان ما ينسى كل شيء ويعود الجميع إلى السرور والمرح واللهو والعبث. وهو لا يغار من السعادة التي سوف يفوز بها الذين سيبقون بعد موت أولئك الشهداء، فهو يعلم أنه يفني حياته لكي يمهد السعادة للباقين ولكنه يرجو على الأقل أن تحتفظ فرنسا بذكريات أولئك الشهداء، وهو يربأ

<<  <  ج:
ص:  >  >>