للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتلتمس منه أن يقسم لها بأنه لن يتركها فيقسم وعندئذ تتمتم: إنني سعيدة

وتنقضي فترة ثم يسألها: أتنامين؟

(تجيبه هامسة: (اجل) فيذهب غلى النافذة ويزيح الستار. ثم يرى (اود) نائمة فتخونه شجاعته ويقطع الغرفة ذهابا وإيابا في تهيج واضطراب ويلمس فمها بإصبعه ليتأكد من نومها وهو يتمتم):

- (أتنامين؟)

فاذا وثق من أنها نائمة وضع رأسه على المائدة وأخفاه ثم أخذ يبكي وقد بدا ضوء المصباح يغمر الغرفة وهو يحاول جهد طاقته ألا يوقظ اود. . . ويبكي ويبكي. . . مع أنه لم يكن يعرف البكاء من قبل!

فإذا كان الفصل الثالث، فنحن في غرفة أخرى من غرف المنزل اجتمع فيها الأب الشيخ بابنه الجندي وخطيبته أود. وأنت تفهم منذ بداءة الفصل أن الجندي قد عدل عن الوعد الذي قطعه على نفسه أمام خطيبته، واعتزم الرحيل من جديد والعودة إلى ساحة القتال. وهو يذكر ذلك لوالده ويلفت نظره في سخرية إلى أن هذا الرحيل سوف يتيح له - أي للأب الشيخ - الفرصة للاستمتاع بذلك النظام اليومي الذي إعتاده في حياته مع (أود). سوف يعود إلى تلقي قبلتها في المساء قبل أن تذهب إلى فراشها، وإلى سماع صرير المفتاح في باب غرفتها، وإلى التلذذ بالسكون الفاتر يسود جو المنزل. وأنت تحس بأن الشيخ يحوم حول معرفة ما فعله الشابان في الليلة الماضية، وهو يرغب في معرفة ذلك، فهو يذكر أنه لم يرضوءا في غرفتهما عندما أغلق نافذته في منتصف الساعة الرابعة ويتساءل عن سبب ذلك وهو يستشف من خلال إجاباتهما ما يثيره ويستفزه، فهو يهاجم ابنه إذ اجترأ على تلويث فتاة عذراء كانت تحت حمايته هو! وأنت تحس من طريقة إلقاء ذلك الشيخ ولهجته أنه يغادر من ابنه غيرة لا يكاد هو نفسه يشعر بها، فهي غيرة تشتعل في عقله الباطن، ويتجاهل أن تلك الفتاة إنما هي خطيبة ابنه وحليلته، وهو لا يستطيع أن يضبط غيرته من الشباب الذي يتمثل في ابنه وخطيبته. ويشعر الابن الجندي بذلك ويجابه أباه به، وينكر أن للأبوة حقاً في أن تتعرض لمثل ما تعرض له أبوه. فلا يمكن أن يحكم على تصرفات جندي إلا من عرض حياته للفناء في ساحة القتال، ويثور الابن فيصارح

<<  <  ج:
ص:  >  >>