الوجه الأول: أن يقسم الشيء في العقل إلى قسمين أو أكثر من ذلك، ومحال أن تكون كلها صحيحة أو كلها فاسدة، فمتى أفسد الدليل أحد القسمين أو كلها إلا قسما واحداً ثبت صحة القسم الباقي.
الوجه الثاني: أن يجب الحكم والوصف للشيء في الشاهد لعلة، فيجب القضاء على أن كل من وصف في الغائب بتلك الصفة وثبت له ذلك الحكم فإنه لأجل مثل تلك العلة ما يستحقه.
الوجه الثالث: أن تعلم أن الذي يصحح الحكم والصفة إنما هو وجود المصحح، فيجب القضاء لكل من له تلك الصفة أن يكون مصححها مثل ذلك المصحح.
الوجه الرابع: أن تعلم أن حقيقة الشيء هو صفة له، فيجب الحكم بمثل تلك الحقيقة لمثل تلك الذات في الغائب، وكذلك الحد.
الوجه الخامس: أن تستدل بصحة الشيء على صحة مثله وما هو بمعناه، وباستحالة على استحالة مثله وما هو بمعناه.
هذه هي الحجج العقلية التي يبني عليها علماء علم الكلام المتقدمين براهينهم، وهي على ما أظن لا تتجاوز الدلائل العقلية المستعملة في أصول الفقه، ولا صلة لها صلة أساسية بالمنطق اليوناني.
أما الأقسام الأخرى من أقسام الأدلة التي يذكرها السمناني فهي الاستدلال بموجب اللغة، والاستدلال بظهور المعجزات على صدق من ظهرت على يده، لأنها تجري مجرى الشهادة له بالقول، والاستدلال بكتاب الله، والاستدلال بقول الرسول، وإجماع الأمة من أهل كل عصر، والقياس على الكتاب والسنة، والإجماع في الأحكام الشرعية التي لا مجال للعقل فيها بحال.
ومما جعلنا نؤمن بصحة نظريتنا مطالعتنا لرسالة الأستاذ علي محمد جبر من علماء الأزهر:(إمام الحرمين وأثره في بناء المدرسة الأشعرية). فقد درس الأستاذ إمام الحرمين درسا وافيا، راجعا إلى مؤلفاته:(البرهان ولمع الأدلة والشامل والإرشاد) وإلى مخطوطات أخرى مثل (المطالب العالية للرازي وإبكار الأفكار للآمدي). فتمكن من إبراز شخصيته