للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنهم يسرقون المواد الغذائية مقابل عملة ورقية لا رصيد لها، ثم يتنكرون لمصر وللدين المصري الزهيد!

الأفاقون والبرابرة هم الذين يجلدهم اليهود علنا في الشوارع، فلا يحركون ساكنا، بينما يمثلون بالجثث أشنع تمثيل حينما يهب العرب للمطالبة بحقهم المشروع!

ولقد كان جائزا أن تنتشر هذه الأسطورة: أسطورة إن الإنجليز غير الألمان وان هؤلاء وحدهم أفاقون وبرابرة، وان الإنجليز حماة الإنسانية المتحضرون. حينما كانت رحى الحرب دائرة. حينما كان الذهب الإنكليزي - أو البنكنوت المزيف - يتدفق على مراكز الدعاية، وفي جيوب الصحفيين والكتاب، فتنطلق الألسنة بالحمد والثناء لحماة الديمقراطية، وللحرية، وتنطلق بالهجاء والاتهامات للبرابرة الألمان، وحينما كانت الدعاية الإنجليزية تملأ الآفاق ببشريات الحرية العالمية، والأمن من الجوع والخوف والمرض والجهل. وحينما كان المخدوعون يستغرقون في الأحلام اللذيذة على صدى هذه الوعود الجملية.

ويومها كم من أصوات ارتفعت في محطات الإذاعة بالشرق، وكم من أقلام انطلقت في صحافة الشرق، تمجد أولئك الملائكة الأطهار الذين يريقون دماءهم في سبيل البشرية المهددة بالوحوش النازيين!

ذلك إن الذهب الإنكليزي - أو البنكنوت المزيف - كان من القوى والتدفق بحيث ينطق البكم، ويسمع الصم. وذلك أن الوعود المعسولة خدعت بعض المخدوعين، فتاهوا في أحلام الحرية والاستقلال والجلاء. وان كان ضمير الأمة لم ينخدع لحظة واحدة، لأنه كان اصدق حساسية من اولئك المذيعين والصحفيين والكتاب!

أما اليوم، فكيف تبقى عين واحدة مغلقة، اليوم وقد خلع الإنجليز القفاز الحريري وارتدوا جلد النمر. اليوم ما الذي يخدع مصريا واحدا، أو شرقيا واحدا، فيطلق لسانه بمثل هذا الغزل العجيب؟!

وفرنسا، فرنسا أم الحرية، كما يقول عشاقها، كيف بعد حادث راشيا، وكيف بعد مؤامرتها على قتل وزراء سوريا ونوابها في البرلمان، تلك المؤامرة القذرة التي لم تتم بسبب وقوع وثائقها في يد الحكومة السورية في الوقت المناسب.

فرنسا الذي تذبح في يوم النصر أربعين ألفا من الجزائريين. والتي تقيم سورا حديديا حول

<<  <  ج:
ص:  >  >>