وآمنوا بالملائكة، فتشبهوا بهم ما استطاعوا في طاعتهم وعبادتهم، واحيوا الملكية في نفوسهم، فماتت بحياتها البهيمية والشيطانية، ورب إنسان هو اقرب إلى البهيمة وأدنى إلى الشيطان. . .
وآمنوا بالكتب، وصدقوا بالقرآن فتلوه تلاوة التدبر والاستنباط فأتوا ما أمر به وانتهوا عما نها عنه وجعلوه لهم إماماً، وحاكماً مطاعاً.
وآمنوا بالرسل وبك خاتمهم وامامهم، فاستمعوا لقولك، أطاعوا أمرك، واتبعوا سنتك، وكنت احب إليهم من آبائهم، وأبنائهم ومن نفوسهم، التي بين جوانبهم.
وآمنوا بالقضاء والقدر، فسعوا للدنيا سعيها، وطلبوا المال من حله، واعدوا للعدو ما استطاعوا من القوة ولم يدخروا وسعاً في سعي ولا طلب ولا اعداد، ولكنهم رضوا بما قدر الله عليهم بعد نتائج، وما قسم لهم من حظوظ، ولم يجعلوا الدنيا أكبر همهم، ولا منتهى أملهم، ولم يتكلوا على المال ولا الولد، لأن الله هو المعطي المانع، ولم يتكالبوا على الدنيا لأن الله هو المطعم الرازق، ولم يقعدوا عن الجهاد خوف الموت، لأن الأعمار بيد الله، فلا تموت نفس حتى يجئ اجلها.
فكان إيمانهم ظاهراً، في كل اعمالهم، وفي كل لحظة من أعمارهم، وفي عبادتهم يخلصونها لله لا يريدون بها إلا وجهه، فلا يتبعون بها عادة، ولا يبتغون بها رياء، وفي معاملتهم الناس لا يغشونهم ولا يظلمونهم، ولا يكذبونهم ولا يؤذونهم، وفي بيوتهم وأسواقهم، وسفرهم وحضرهم. وصحتهم ومرضهم، وأسرارهم وإعلانهم فهل نحن مؤمنون كأيمانهم؟
يا سيدي يا رسول الله، لقد أقمت الإسلام على خمسة أركان فما زال الشيطان يغرينا بأركانه الخمسة، حتى هدمناها وأزلزلناها، فكان فينا من يقول كلمة الشهادة ولا يؤدي حقها، ومن يدعي الإسلام ولا يصلي، ومن يصلي بجوارحه ولسانه ولا بقلبه وجنانه، يقوم إلى الصلاة ليستريح منها لا ليستريح بها، لا يجد فيه انس نفسه ولا قرة عينه، فلا تنهاه صلاته عن فحشاء ولا منكر، فكأنه ما وقف بين يدي الله، ولا ناجى بلسانه مولاه، ومن يدعي الإسلام ولا يصوم ومن يصوم عن أكله وشربه ولا يصوم عن قول الزور والعمل به، ولا يسلم المسلمون من لسان صائماً ولا يده، فلا يرقق له الصوم له قلباً فيعطف على جائع، أو يحسن إلى فقير ومن يدعي الإسلام ولا يزكي ولا يحج، ومن يحج ليسيح فيرى