يكون في الليل، وكان يؤلف الكتب لكل فرقة هواها، فكان يلعن كل دين، ويطعن في كل نبي، ويصب على رؤوس الأجناس والعناصر السباب والشتم، ومع هذا كله فقد وسعه الإسلام بسماحته، واحتمله الحكم الإسلامي وهو في عنفوان صولته، ثم مات (ابن الراوندي)، وطارت كل اثاره ومؤلفاته هباء في الهواء، ولو كان منها شئ ينفع الناس لمكث في الأرض. .
ليس للفكرة التافهة أي ضمان للبقاء إلا إن نأبه بها، ولولا أن (ابن الخياط) رد على (ابن الراوندي) في كتاب (الانتصار) وتناولت أراءه بالتفنيد، لما بقى ظل لتلك الآراء على الأرض، فهل تريد الزميلة السورية أن تجعل (لرؤوس مارون عبود) رجع الصدى فهيبة بالحكومة اللبنانية لتمحيصها ومحاسبته عليها؟
فن وتجارة!. .
أرسل الأستاذ يوسف وهبي بك بوصفه نقيباً للمثلي المسرح والسينما البرقية التالية إلى معالي وزير الشؤون الاجتماعية نشرها بنصها وبلغتها:(نقابة ممثلي المسرح والسينما بالقاهرة تهيب بمعاليكم أن تدرءوا عن صناعة السينما المصرية ومستقبل الآلاف المشتغلين بها الخطر الداهم من جراء السماح للشركات الأجنبية بعمل نسخ من أفلامها الناطقة باللغة العربية. إن المنافسة ستكون خطرة غادرة لعدم توازن القوة المادية والفنية بيننا وبينهم، فنستصرخكم لشد أزرنا بإصدار قرار يمنع عرض هذه الأفلام في دور السينما المصرية، أبقاكم الله درعاً لحماية الفن والفنانين!)
فأنت ترى من هذه البرقية أن نقيب الممثلين المرحين والسينمائيين يستصرخ ويستنجد ويغيث بمعالي وزير الشؤون الاجتماعية لمنع عرض (أفلام للشركات الأجنبية ناطقة باللغة العربية) لا لشيء إلا لامتيازها (المادي والفني) على الأفلام المصرية، مما يجعل المنافسة خطيرة، ويجني على مستقبل الآلاف المشتغلين بالسينما في مصر كما يقول حضرة النقيب.
والمعنى واضح لهذا الكلام أن ما يسمونه في مصر بالفن المسرحي والسينمائي ليس باباً للامتياز والإجادة والحرص على المثل الأعلى، وانم هو تجارة و (آكل عيش) لا اكثر ولا اقل ومتى صار الفن هو هذا. . . فكل شئ جائز، حتى ذلك الكلام الذي يقوله نقيب المسرحيين والسينمائيين.