ولقد كانت الفوضى في بلاد العرب ضاربة أطنابها. ومن أمثال ذلك الانتقام والأخذ بالثار إذ كان من مظهر ذلك أن النساء لا يرضيهن في الثأر إلا أن يصبغن ملابسهن بدم القتيل، وبعضهن يأكل من كبده وقلبه كما حصل لسيدنا حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات. وكن يعيرن من يمسك عن الانتقام لنفسه أو الأخذ بالثأر لذويه، فوضعت الشريعة الإسلامية الغراء لذلك حدا وشرعت القصاص في قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الأبصار) فإن إعدام القاتل فيه حقن للدماء لما فيه من الزجر والاعتبار فكيف كان جان عن ارتكاب هذه الجناية وبذلك يسود الأمن ويعمم السلام.
ومازالت آثار هذه العادة الممقوتة باقية في الريف وخاصة في الصعيد وهي من التراث المكروه ويجب العمل على استئصالها بكل الوسائل الميسورة، ومن أهمها العناية بالمصالحات والقضاء على الأمية ونشر نور العلم والعرفان بين هذه الأوساط وأن تكون إجراءت المحاكم سريعة وأحكامها رادعة زاجرة.
شهادة الزور وأثرها وعلاجها:
حرمت الأديان جميعها شهادة الزور - وعدتها الشريعة الإسلامية من أكبر الكبائر، ومن دستور محمد القرآني في ذلك (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) وقوله سبحانه وتعالى (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) وفي آية أخرى (ولا تكتموا الشهادة وأنتم تعلمون) ومما يثقل كاهل رجال الأمن في مهمة كشف الجرائم التواء الشهادة أو الإعراض عنها. فما أحكم محمدا حيث يقول ما معناه (لا ينبغي لأحد شهد مقاما فيه حق إلا تكلم به فإن ذلك لا ينقص أجله ولا يمنع رزقه)
ومما يؤسف له أشد الأسف إن الشاهد وخاصة في الريف قلما يجد الشجاعة ما يدفعه إلى أداء الشهادة معاونة منه إلى للعدالة في الاهتداء إلى الجاني لينال الجزاء العادل. ويكون من