فقلت لهم سيروا وحسبي وقفة ... وصبر على قبح المقام جميل
وأي مقام قد أقمت فليتني ... رحلت ولو أن الرحيل قفول
نسير فرادي والطريق إلى المنى ... له شعب دون المدى ووصول
وللدهر والآمال بين صدورنا ... صراع ودقات القلوب طبول
ألا إن أسباب النجاح قليلة ... وأكثرها دون النجاح كليل
وتكاد تكون مدينة (درنة) بمناظرها الجميلة الفاتنة ملهما لكثير من الشعراء والأدباء الذين قدموا للأدب العربي فصولا أدبية قيمة وقصائد شعرية خالدة، فها هو ذا شاعرها الأول السيد (إبراهيم أسطه عمر) يعبر لنا عن شعور بلده نحو سموا الأمير السنوسي:
إلى الأمير فدته النفس اهديها ... مقالة كنت قبل اليوم أخفيها
لكنني لم أجد ظرفا يلائمها ... غير الذي نحن فيه قد يواتيها
مقالة ملؤها الإخلاص ارفعها ... لقائد الشعب، قلب العشب ممليها
آن الأوان فما التأجيل يمنعنا ... لنعلن الحق إقرارا وتنبيها
وحقنا وحدة القطرين تتبعها ... حرية أنت معناها وراعيها
وفي (برقة) خلا هذين الشاعرين الشابين كثيرون وإنما لم يصلنا شئ من آثارهم العديدة (أحمد فؤاد شنيب) وهو شاعر صغير السن عاش في دمشق وعاد أخيراً إلى وطنه الأم ليبدأ نضالا أدبيا جديدا في بلاده العزيزة ومن لطيف قوله وهو في دمشق يصف ليلة مولد:
مالي أراك كدرة تتلألأ ... شعت فاكسبها البهاء جمالا
وكسوت هذا الكون أسنى شعلة ... سطعت فألهب نورها جمالا
وللنثر مكانه المرموقة في برقة والمحاضرات الأسبوعية تحتفل بأروع الكلمات الأدبية والسياسية ونحوها يلقيها شباب توفر على درس الأدب واللغة العربية وأسرارها وتلك هي قطعة نثرية لأديب درنة (فرج بن جليل) يتحدث فيها عن وحي الهجرة:
(في سجل الخلود ساعات فاصلة ولحظات حاسمة إذا انحرف فيها ميزان القدر يمنة أو يسرة تبعته نتائج كبيرة خالدة وأثار عظيمة باقية تجر ورائها الخير الكثير أو الشر المستطير وتبعث في الدنيا ضياء باهر أو انتشر ظلاما دامسا. ومن اخطر تلك اللحظات واعظم تلك الساعات تلك التي هاجر فيها محمد بن عبد الله، تلك اللحظة الخالدة في تاريخ