ربما استعنت الحياة عن العلم ... على رغم ما أتى العلماء
وعلى الفن وحده عاش أج ... دادُك دهراً وهم به سعداء
ثم يعود إلى قافلة الشعر وموكب الشعراء ومن فيه من (الأبدال والأدباء) و (الوزير الضخم) حتى يحط رحاله في رياض الفيوم:
وإذا نحن في رياض من الشعر ... لها رونق وفيها صفاء
ثم يشيد برحم الفن وصلات الأدب التي جمعت بين أدباء الجامعة وبين أدباء الفيوم:
صلة وثَّق البيان عراها ... ونماها فكلنا أقرباء
جمع الشعر بيننا في صعيد ... ومن الشعر منسب وإخاء
أما (العوضى) فقد وصف ذكرياته في الليالي البعيدة مع أحبائه، وأثر هذه الذكريات في قلبه، ثم وصف روضات الفيوم وجمالها، (الأخوان الكرام) الذين استقبلوه هو وصحبة فيها، وصلات الأدب والعروبة التي تجمع بين الأدباء والشعراء، يقول:
حدا الركبَ حادية فأين مكانيا ... أُبين من الأشواق ما كان خافيا
على شفتِي من خمرة الحب نشوة ... تَلهَّب ترنيمي بها وغنائيا
لنا ذكريات في الليالي بعيدة ... ألا من يعيد اليوم تلك اللياليا
ثم يستمر في شدوه الهادئ وتصويره المصنوع فيصف الفيوم وفتنها:
سقى الله في الفيوم روضات فتنة ... ونضر فيها أربعاً ومغانيا
فراديس منضورٌ بها الظل والجنى ... تألَّقُ نوَّاراً وتسحر شاديا
وإخوانه الكرام فيها الذين سقوه صافى الود:
فجئنا لأخوان كرام وصحبة ... سقونا من الودِّ المطهر صافيا
ويشيد بصلة العروبة التي جمعت بين الجميع وبذلك ينتهي من قصيدته:
هذه هي الأغراض العامة لكل شاعر في قصيدته وهي تجمع بين العواطف الوجدانية والوصف الفني، وكنا نود أن تكون قصائد هؤلاء الشعراء أوسع نطاقا من هذا الأفق المحدود؛ ما ضرهم لو كانت قصائدهم في القرية والحياة فيها أو في النيل وأثره في وحدة الوادي أو في العلم وآثاره على الحضارة في عصر الذرة، أو في شتى الأغراض القومية أو الإنسانية العليا؟ ولكنهم أثروا تلك السبيل الفنية وحدها فلم يشعروا إلا فيها وفيما يتصل