بها من العواطف الوجدانية وإن كان (طاهر) قد خرج قليلا عن هذا المجال فأشاد بالفن وأعلن الثورة على العلم والعلماء:
إنَّ من أطلقوا العقول علينا ... لست تدري: أأحسنوا أمأساءوا
ربما استغنت الحياة عن العلم ... على رغم ما أتى العلماء
أما من حيث الأسلوب: فالغزالي يشعر ويسحر ويبلغ في التصوير منزلة كبيرة، نجد ظلالها في كثير من أبياته كما يقول عن نفسه:
عابراً كالطيوف ولهان كالأن ... سام هيمان كالأماني الحيارى
وقوله وهو يعبر عن نفسه أيضا:
يعبر الليل في خداع الأماني ... وتمِّنى آصالة الأسحار
وقوله:
والشوادي من حولنا مرهفاتٌ ... سمعَها تستبينُنَا الأسرار
وقوله:
لست أنسى بها مواثيق عشنْا ... نتحدَّى بصدقها الأقدار
وسوى ذلك من قصيدته التي تمتاز بما فيها من (عيون) كما يقول النقاد؛ ولكنه على رغم ذلك يخطئ سبيل الفن أحيانا فبيته:
يا عذارى الرياض من كل شاد ... أنا أشكو إلى العذارى العذارى
يقصد فيه العذارى حقا؛ فوصفهن بالسحر والفتنة ورقة العاطفة أولى من وصفهم بالشدو، بل وصفهم بالشدو يكاد يكون لا معنى لتخصصهن به من بين سائر الأوصاف. ولو قال (من كل أحوى)، مثلا لكان أولى؛ وتضميد الأشعار في بيته:
أنا أشدُو لها جراحي شعرا ... فعساها تضمّدُ الأشعاراً
لا معنى له، فما ألفنا في القول بان الأشعار تمثلت جراحا بل هي استعارة نافرة عن سمع العربي وذوقه. والبيت:
والتي قد تخذْتُها مجدافي ... خصل أُرسلتْ عليَّ نثارا
لم أفهمه فوق ما فيه من (تشعيث) قافيته، وهذه الهنات لا تغض من القصيدة مكانها الأدبية.
أما (طاهر) فمستوى الشاعرية في أسلوبه، ولكنه في ثورته الفنية التي يستمدها من روحه