- أوه يا سيدي المسكين، إن حالي هي حالي لم تتغير، وإني لأشعر بأني صائرة إلى العدم ما دامت صحتي تتدهور. أما الطبيب فقد أعلن إنه من الواجب الانتظار فقد يعرض للمريضة حال من اشتباك العلة لا يعلمها الطبيب. وانتظر الفتى ثلاثة أيام ثم عاد بعدها، فإذا المرأة العجوز بصفرة وجهها المضيئة وعينها الزائغة تأخذ في ترداد ألمها حين مشاهدته.
- إني لا أستطيع حتى التحرك يا سيدي المسكين، لا أقدر على ذلك حتى نهايتي الأخيرة. فعرت عظام هكتور رعشة، ومضى يستفهم الطبيب ورفع الطبيب يديه قائلاً:
- ماذا تريد منى يا سيدي؟ أنا نفسي لا أعلم عن حالها شيئاً. إنها تصرخ وتعوي حين يراد إجلاسها وإنهاضها، حتى إنه لا يمكننا تحريك مقعدها دون أن نعرض آذاننا لصرخاتها الداويات المزعجات، وإذن فإنا على تصديق ما تدعيه. لأني لست بداخلها ولا جوفها. وما دمت عاجزاً عن أن أجعلها تمشي وتسعى فليس من حقي أن أفترض أي وهم من ناحية مرضها. وكانت العجوز تسمع كلامه هادئة لا تتحرك، وفي عينيها الخبث والمكر.
ومرت ثمانية أيام، فخمسة عشر. . . فشهر، ولم تبارح مدام سيمون مقعدها المريح، لقد كانت تأكل من الصباح إلى المساء، وكانت تكتظ شحما ولحما. ثم إنها كانت تتحدث بسرور إلى بقية المرضى في المصحة، وكأنها بتعودها على عدم الحركة والنهوض كانت تكتسب فرصة للاستجمام من عناء خمسة وستين عاما للخدمة، قضتها في صعود ونزول الادراج، وتهيئة الأفرشة والأسرة، وفي حمل قطع الفحم من طابق إلى طابق، وفي كنس الغرف وتنظيف الثياب.
وضاع رشاد هكتور، فكان يعودها كل يوم، وفي كل يوم كان يراها هادئة تعلن إليه:
- أواه أنى لا أستطيع الانتقال أو الحركة يا سيدي المسكين! لا أستطيع، لا أستطيع. وعند كل مساء كانت مدام دي كريبه لين تسال زوجها وهي فريسة القلق. ومدام سيمون؟ فيجيبها في خمود يائس:
- لا جديد عنها. فهي لم تتغير أبدا. وسرحت العائلة الوصيفة من الخدمةلأنراتبها أصبح عبئا باهظا عليها. ثم أخذت عائلة هكتور تمضي في الاقتصاد لأنالمنحة التي أخذها الزوج