ويستطيع أن يكون جامعياً بالنسبة إلى الجامعة الأزهرية كما يكون جامعياً بالنسبة إلى الجامع الأزهر، فيزداد ولا ينقص بهذا الانتساب.
إذ الواقع أن صبغة الجامعة هي التي ميزات الأزهر بين الجوامع في العصور الماضية كما ميزته في العصر الحاضر. فليس اكثر من الجوامع في القاهرة ولا في الأقطار الإسلامية، ولكن الأزهر وحيد بينها لأنه جامعة علمية لا لأنه مسجد مقصور على الصلاة والعبادة.
وأيا كان القول في هذا، فالرجوع إلى الحصير أو إلى سراج الزيت أو إلى صومعة النسك لن يعالج شيئاً من الأشياء، ولن يستطاع ولن يحمد إذا أستطيع.
وخير ما يطلب للأزهر هو أن يزداد نصيبه من الجامعية العلمية، وان يزداد نصيبه من المشاركة في الأعمال الدنيوية، وأن يحال بينه العزلة والانقطاع.
ونحن من المؤمنين بماضي الأزهر العظيم، ولكننا اشد أيمانا بمستقبله بنا بماضيه. لأن وظيفته في الماضي كانت وظيفة واحدة لا منازع فيها. أما وظيفته في المستقبل فوظيفتان ينهض بهما فيكون له شأنان متعادلان في حكمة الإسلام وحكمة العلم الذي يعمل به المسلمون وغير المسلمين.
فالجامع الأزهر أحق مكان بان يحي الفلسفة القديمة التي عاشت فيه وحده يوم ماتت في جوانب الدنيا بأسرها، ومن إحياء هذه الفلسفة أن يزاوج بينها وبين مستحدثات التفكير في كل عصر وبين كل قبيل.
والجامع الأزهر أحق مكان بتوسيع المنطق الذي تمكنت فيه أسسه وتهيأت لما يضاف إلى هذه الأسس من أركان جديدة، في مذاهب المناطقة المحدثين.
والجامع الأزهر أحق مكان بأن يعرض العقيدة الإسلامية المستنيرة على أهل المشرق والمغرب، لأنه أقدر على هذه الرسالة من الآحاد أو الجماعات التي تصدت لها في غير مصر من الأقطار الإسلامية.
والجامع الأزهر أحق مكان بأن يقصده الصين من أقصى المشرق كما يقصده (الفندلاندي) من أقصى الشمال، أو يقصدها الزنجباري من أقصى الجنوب. لأنهم يتعلمون فيه ما لا يجدونه في غيره من الجامعات المقصورة على العلوم الطبيعية.
والجامع الأزهر أحق مكان بان يتدارك عيب العصر الحاضر وهو العيب الجسام الذي