ويتدافعوا بالبغضاء، ويبسطوا ألسنتهم في حديث الماضي الذي عفى عليه الزمن حين عفى على أسبابه وهي المفاوضات التي كان قوم يستأكلون بها كراسي الوزارات ومقاعد البرلمان؟
ألا فليعلم هؤلاء جميعا أننا لا تريد أن ننصر قوما على قوم فما بنا إلى أحد منهم حاجة، وأننا إنما نريد لهذا الوطن أن يخرج من المحن منصورا مؤزرا ظافرا بالحق المسلوب. إن مصر والسودان قد أعلنت على بريطانيا - باحتكامها إلى مجلس الأمن - ما يمكن أن يسمى حربا بغير سلاح، فكل مصري سوداني هو اليوم جندي منوط به حراسة الثغرات التي يتدسس منها العدو الأكبر وهو بريطانيا، لا فرق بين كبير وصغير، ولا زعيم ولا تابع، فأهل هذا الوادي جميعا يد واحدة وسواسية كأسنان المشط في التكليف الذي كلفوا به، وعلى كل منهم أن يبذل ما وسعه من النصيحة والمشورة للذين سيتولون الدفاع عن حق الوطن في ذلك المكان الذي سنحتكم إليه.
وخير لأولئك الذين يقولون: إن فلانا هذا لا يصلح لعرض القضية المصرية السودانية على مجلس الأمن أو هيئة الأمم أن ينزعوا هذا الإفك من ألسنتهم فإنه مضلة ومفسدة وخذلان للوطن لا لفلان أو فلان، وخير لهم أن يقضوا الليالي الطوال في درس الحجج التي سنتقدم بها لإقناع رجال يجهلون كل الجهل تاريخ النكبة البريطانية التي صبها الله على رأس مصر والسودان، وخير لهم أن يستخرجوا آثام بريطانيا وضروب بغيها في مصر والسودان، وفي الهند، وفي فلسطين، وفي سائر بلاد الشرق ليعرضوها جملة واحدة تصريحا أو تلميحا ليكشفوا لرجال مجلس الأمن عن فظائع بريطانيا وأفعالها البشعة منذ سلطها الله على هذه البلاد فإن أكثر التاريخ الذي يقرؤه هؤلاء مكتوب بأقلام بريطانية وأهواء بريطانية. وإلا فحدثونا من من رجال مجلس الأمن، فضلا عن شعوب هؤلاء الرجال، عرف ألوان الخساسات التي ارتكبت في دنشواي، وفي فلسطين أيام الثورة العربية؟ إننا لن نذهب إلى مجلس الأمن وحده بالقضية المصرية السودانية بل سنذهب إلى كل فرد في روسيا وأمريكا وسائر الشعوب المشتركة في مجلس الأمن. وإننا لن نذهب بالقضية المصرية السودانية وحدها، بل سنذهب بجميع قضايا الشرق الذي ذاق نكال بريطانيا أكثر من قرن ونصف قرن. إننا نريد أن ندخل قضيتنا وسائر قضايا الشرق في