بضربه واحدة، وقدم أرناط للمشرق كأساً مملوءة بالظفر شربها أبطالنا بعد مضي قرن من الزمن على المعركه الأندلسيه الكبرى التي أنتصر فيها يوسف بن تاشفين على جموع الأسبان وفلول الادفونش (٤٧٩هجريه - ١٠٨٦ميلاديه) وأثبت عن حق إن عزائم المرابطين من قبائل المغرب كانت أقوى من عزائم الأسبان وفرسان أوروبا.
تلك هي الملحمة التي كانت في الماضي نعمه علينا فألبستنا من بعد حطين ثوباً من القدرة والانتصار، مالي أراها تعاودني وتقلق مضاجعي؟ أهناك أشياء آتيه المسها من بعيد، سيخلقها المستقبل لنا؟
أني أذكر تماماً أنه في عام ١٩٣٥ حينما كنت بالمقدس جاء ألي كاتب يهودي وقدم إلي مؤلفا بالعبرية كتبه عن أراضي النقب وطلب إلى أن أقرأه. وكان أن سألت نفسي ما الذي يشغله بهذه البقعة النائية عن الحضارة الخالية من السكان، وماذا يقصد هؤلاء من النقب، وهم لا يكادون يصلون قرية بئر السبع إلا بشق الأنفس؟ لم أر الأمر بعين الجد، ودار حديث مع المؤلف عن هجرة إسرائيل من وادي النيل وضلالهم في سيناء، وعرضنا لكلمة التيه وعلاقة هذا الاسم بتلك القبائل التي تخطر في الريف المصري باحثه عن المرعى لقطعانها من الغنم والتي يطلق عليها العرب من السكان اسم هتيم؟ هل هم سكان التيه؟ لا أدري. وما خرج المؤلف حتى فتحت الكتاب فإذا به خريطة شاملة لتلك البقعة الهامة من أرض الشرق العربي التي ستؤثر في تاريخنا لألف سنه قادمة. واتجهت أنظاري إلى العقبة إذ هناك تنتهي أراضي فلسطين الحديثة، وتذكرت النزاع الذي قام عام ١٩٠٦ بين مصر والدولة العثمانية أو بين بريطانيا وتركيا. وتخيلت مجموعه كبيره من الوثائق الرسمية والخرائط كنت اطلعت عليها من زمن مضى ومعها صور للفرمانات السلطانية التي منحت للخديويين والولاة، وكانت الحدود بين مصر والدولة صاحبة السيادة عليها تنتقل بين السويد والعقبة إي تنتهي مره هنا وأخرى هناك.
فما الذي حرك السياسة البريطانية عام ١٩٠٦ لإثارة مسألة العقبة وجعلها مسألة دوليه وما الذي دفعها لكي تفرض إرادتها فرضا على الدولة صاحبة السيادة على مصر؟ أكانت تقرأ في عالم الغيب والشهادة تطورات ضرب فلسطين ومواقع قتال أم معارك الدردنيل عام١٩١٥؟ أما التقارير الرسمية والأوراق السريه فقد أظهرت للعيان أن خطط اقتحام