للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المضايق وغاليبولي قد وضعتها قيادة البحر مع قيادة البر في سنة ١٩٠٦ وهي السنة التي تمت فيها اتفاقات العقب بين مصر وإنجلتره من جانب والدولة العلية من جانب آخر، فهل كان هذا من قبيل المصادفة ليس إلا؟ لا أستطيع لذلك جواباً لأن للسياسة الأوروبية أسراراً وطلاسم أعجز عن فهمها.

مر كل هذا بذاكرتي بعد أن قدم اليهودي كتابه مجلداً تجليداً حسناً ومهدى إلى ممثل الدوله التي مهدت له الدراسة وسهلت له التنقل في ربوعها ليبحث مسألة علميه، وليساهم بقسط ضئيل من المعلومات والأبحاث عن أرض النقب، والنقب اسم متسع يشمل أجزاء من فلسطين وغيرها في نظره.

وتمر الأيام والسنوات تترى وتشاء الأقدار أن أعيش بمصر بعيداً عن الحياة العامه، فتهتز نفسي يوماً اهتزازاً قوياً، ذلك لأن الجرائد اليومية تنشر ضمن أخبارها برقيه من فلسطين تنبئ بان جماعات صهيونية زحفت على أرض النقب وأنشأت في بضع ساعات عشر مستعمرات يهودية في أماكن لم تكن مسكونة من قبل.

نعم نقلت العمال والزراع والسكان ومواد البناء والبيوت مفككه وآلات الزرع والأثاث على السيارات في ليله واحدة وأنشأت المستعمرات إنشاءً وأحكمت البناء ولم تقدر السلطات على الوقوف أمام هذه الحركة ولا ردها، ولم يكن هناك سكان لأن أراضي النقب غير عامرة، أما أهل البلاد وأصحابها فكانوا في نوم عميق.

هنا انتبهت وعدت إلى حملة ارناط أطلب الوحي منها. ألم ينقل المراكب والسفن مفككه على الجمال؟ ألم يحط مشروعه بالكتمان ليبرز عنصر المفاجأة والمخاطرة، ألم يكن سريعاً في تصميمه وتنفيذ أغراضه. ولكن جاء رد الملك سريعاً وحاسماً، لم يحجم ويتردد، لم يستشر ولم يترك الوقت يغالبه بل انشأ الأسطول ودفعه إلى البحر، وجاء بالحاجب لؤلؤ وكان مضفراً وشجاعاً ومجداً فاخذ الأمر بالمفاجأة والمخاطرة والأقدام وكتب للمسلمين صفحه من المجد.

فأين عمله من عملنا اليوم ونحن إذا رصفنا بين مصر والعباسة أمضينا الشهور والسنوات وغيرنا يقيم عشر مستعمرات في ليله واحدة؟.

رأس النقب يعمر وخليج العقبة تعود إليه الحياة، إنها لكبيره على النفس لأن صفحه جديده

<<  <  ج:
ص:  >  >>