للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العراك والتصادم تبدأ، لو كنا أحياء نشعر بالإعصار القادم علينا.

إذا أردت أن تعرف بالضبط مدى هذه الصيحة، أفتح خريطة لهذه المنطقة تجد حدود أربع دول تتلاقى في بقعه واحدة هي نهاية خليج العقبة، وتبدأ حدود مصر من (طابة) وهي مع فلسطين لا يشاركهما فيها أحد، أي إذا أردت الذهاب لشرق الأردن أو الحجاز أو نجد، يجب أن تمر بالممر الفلسطيني وهو مثل ممر دانتزيج المشهور، وبهذا الممر تتصل فلسطين لأول مره في التاريخ مع المحيط الهندي وأستراليا بدون أن تحتاج لقناة السويس. ماذا يخبئه لنا هذا الاتصال وماذا سيكون من أثر هذا الممر الأرضي؟ أشياء كثيرة سيعرفها الأبناء والأحفاد قبل أن يلمسها الأحياء الآن لاهون بأنفسهم وأطماعهم أما من الناحية الأخرى فهنالك تتلاقى حدود مملكتين هما العربية السعودية وشرق الأردن، وتقع مدينة العقبة في داخل حدود الثانية.

لننظر الآن ماذا يقول القدماء عن العقبة: هي عقبة ايله وهي مدينه بين الفسطاط ومكة على شاطئ البحر تعد في بلاد الشام وهي جليلة بها مجتمع حاج الفسطاط والشام. وورد عن أيله في قاموس الكتاب المقدس أنا فرضه شهيرة في أرض أدوم على الشاطئ الشرقي من الخليج، مر بها بنو إسرائيل وكانت ذات شأن في زمن سليمان والأرجح أن داود تغلب عليها ثم استرجعها أهل أدوم. ونقل المقريزي في خططه أنها (كانت حد مملكة الروم وعلى ميل منها باب معقود لقيصر وكان بها قوة مسلحة يأخذون المكس، وكانت في الإسلام منزلاً لبني أميه وأكثرهم موالي عثمان بن عفان وكانوا سقاة للحج، وكان بها علم كثير وآداب ومتاجر وأسواق عامرة وهي كثيرة النخل)، وقال عن العقبة (لا يصعد أليها من هو راكب، ولذلك أصلحها فائق مولي خمارويه بن أحمد بن طولون ومهد الطرق إليها)، وعرض في خططه الحوادث التي نحن بصددها أي إلى حملة البرنس أرناط بتفصيل أعم مما ذكره في السلوك فقال نقلاً عن القاضي الفاضل: (في سنة ٥٦٦ أنشأ صلاح الدين مراكب مفصله وحملها على الجمال وسار بها من القاهرة في عسكر كبير لمحاربة (أيله) وكان الإفرنج قد ملكوها وامتنعوا بها فنازلها في ربيع الأول وأقام المراكب وأصلحها وطرحها في البحر وشحنها بالمقاتلة والأسلحة وضيق عليها الحصار في البحر حتى فتحها ثم أسكن فيها جماعه من ثقاته وقواهم بما يحتاجون إليه من سلاح وغيره وعاد إلى القاهرة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>