للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن القاضي الفاضل أيضاً (في سنة ٥٧٧ وصل كتاب من نائب القلعة أن المراكب على تحفظ وخوف شديد من الإفرنج إذ وصل البرنس (يقصد ارناط صاحب الكرك) وسير عسكرة إلى ناحية تبوك، وربط جانب الشام لخوفه من عسكر يأتي لمحاربته من مصر) وإنما سقنا كل هذه الإشارات ووضعنا في وسط كلامنا ماسجلته المراجع لكي نثبت للقارئ المتيقظ الذي يهمه أمر مصر والبلاد العربية ومستقبل الأجيال القادمة شيئاً واحداً: هو أن خليج العقبة ورأسه حيث ملتقى الحدود الأربعة كان موقعاً استراتيجياً مهماً جداً يؤثر في عوامل التاريخ وبناء الممالك وفي حفظ الحدود وسوق الجيوش في الجاهلية وفي الإسلام وقد ظهرت خطورته في الحروب الصليبية وكاد أن يكون ضياع هذا الركن حاسماً لولا أن قيض الله للمسلمين الملك القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، الذي عرف في الوقت المناسب أن يسد هذا الخرق ويحفظ هذا الثغر ويقي البلاد من عبث (أرناط) وأخطار رجاله.

ونعلم الآن أن هذا الموقع لم يكن مجمع الحاج من مصر والشام فحسب بل كان أكثر من هذا كان طريق الاتصال الوحيد بين مصر والشام حينما انقطع الطريق المعتاد بينهما بتهديد الصليبيين وأنه لولاه لتعذر على شيركوه وابن أخيه صلاح الدين إنقاذ مصر، ولولاه لتعذر على جند مصر الحصول على شرف القتال بمعارك فلسطين والشام. وإذا قلت أن طريق البحر كان مفتوحاً بين مصر والحجاز فلدينا وصف شامل عن رحلة ابن جبير الأندلسي من القاهرة لجدة ومالقيه من المتاعب في طريق البر والصحراء وطريق البحر من عيذاب وما تعرض من أخطار. فنحن أمام موقع هام من مواقع التاريخ يستدعى أن تتلاقى الحدود بشكل يسمح باجتماعها في نقطه واحدة. وتنحدر من الماضي إلى العصر الحاضر وأهم مظاهر الدنيا هي الحروب، فقد ذكرت المؤلفات الرسمية التي نشرتها وزارة الحربية البريطانية عن تاريخ الحرب العظمى الأولى طبعة ١٩٢٨ ما يأتي (لقد أصبح من المحتم بعد نشوب معركتي غزه الأولى والثانية مارس وأبريل سنة ١٩١٧، احتلال العقبة، وقد تم ذلك بواسطة لورنس في يوليو ١٩١٧، وباحتلالها مهد الأسطول في جعلها قاعدة حربيه ومركزا عسكرياً ممتازاً ساعد كثيراً في تهيئة وأعداد العمليات الحربية التي سندت ميمنة جيش اللنيي في قتاله مع الأتراك) ولبيان ذلك نرجع إلى ما كتبه حاكم القدس

<<  <  ج:
ص:  >  >>