قدير) حتى فرغ من شأن بني النضير. فهذه عامة في القرى كلها. ثم قال (وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى اليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم، وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ثم قال: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) ثم لم يرض حتى خلط بهم غيرهم، فقال:(والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون). فهذا فيما بلغنا والله أعلم للأنصار خاصة، ثم لم يرض حتى خلط بهم غيرهم، فقال:(والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم) فكانت هذه هي عامة لمن جاء من بعدهم. فقد صار هذا الفيء بين هؤلاء جميعا، فكيف نقسمه لهؤلاء، وندع من تخلف بعدهم بغير قسم؟ فأجمع على تركه وجمع خراجه.
قال أبو يوسف رحمه الله: والذي رأى عمر رضي الله عنه من الامتناع من قسمة الأرضين بين من افتتحها عندما عرفه الله ما كان في كتابه من بيان ذلك توفيقا من الله كان له فيما صنع وفيه كانت الخيرة لجميع المسلمين وفيما رآه من جمع خراج ذلك وقسمته بين المسلمين عموم النفع لجماعتهم. . .).
وفي كتاب (الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام:
قال أبو عبيد: فقد تواترت الآثار في افتتاح الأرضين عنوة بهذين الحكمين:
أما الأول، فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر، وذلك أنه جعلها غنيمة، فخمسها وقسمها. . .
وأما الحكم الآخر، فحكم عمر في السواد وغيره، وذلك أنه جعله فيئا موقوفا على المسلمين ما تناسلوا، ولم يخمسه، ولم يقسمه. . .
قال أبو عبيد: وكلا الحكمين فيه قدوة ومتبع من الغنيمة والفئ، إلا أن الذي أختاره من ذلك أن يكون النظر فيه إلى الإمام كما قال سفيان. وذلك أن الوجهين جميعا داخلان فيه. وليس فعل النبي صلى الله عليه وسلم براد لفعل عمر، ولكنه صلى الله عليه وسلم اتبع آية من