للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذي يشرف على تنظيمه.

ويحف بالدير أحياناً بنايات مرتفعة يسكن كل واحدة منها راهب يقال لها القلالي أو القليات، ومفردها على الأول قلية، وعلى الثاني قلاية، ومعناها الصومعة، وقد تكون هذه القلالي في داخل الدير خلف سوره.

وربما كانت هذه اللفظة (قلية) في الأصل خلية، وجمعها خلايا لأنها تشبه الخلايا في شكلها وانتظامها حول الدير.

وقد مرت هذه اللفظة في شعر العصبة النواسية في مواضع كثيرة نكتفي بقول الثرواني في دير بالحيرة عرف بقلاية القس.

قال:

خليلي من تيم وعجل هديتما ... أضفيا بحث الكأس يومي إلى أمسي

وإن أنتما حييتماني تحية ... فلا تعدوا ريحان قلاية القس

وتنتشر حول الأديرة الحقول والبساتين المعمورة بمختلف الأثمار والأزهار، وقد كانت الكروم أكثر هذه المزروعات عناية، وذلك لأن الخمور النصرانية التي كانت تدخر في الأديرة لها شهرة ممتازة يقبل عليها الناس من كل جانب.

واشتهرت المزرفة - وهي قربه ملاصقة لبغداد، فيها اديرة كثيرة - بالرمان الذي ضرب المثل بجودته حتى قيل الرمان المزرفي. وهذه القرية بين قطربل وبزوغي، وتبعد عن بغداد ثلاثة فراسخ.

ومن الأثمار التي عني بزراعتها في الأديار الزيتون والنارنج والفستق والبندق واللوز. وكان الرهبان يعنون بتربية النحل للاستفادة من شمعه وعسله.

وكانت الأديرة مزينة بالقناديل والصلبان والدمى، مصبوغة بالأدهان، وقد كانت هذه الدمى منقوشة على الحيطان بمختلف الألوان، ولا حاجة بنا إلى الاستشهاد بالشعر على ذلك لأنها مرت في مواضع كثيرة من الشعر العربي، حتى أصبح ذكرها من متلزمات القصيدة - في بعض الأحيان - كذكر الأطلال والدمن والربوع.

في الغالب المشهور أن هذه الأديرة كانت محاطة بالأسوار المرتفعة خوفاً من اللصوص وقطاع الطرق والفتاك. وربما كان لها باب حديد كدير الأسكون بالحيرة، أو باب حجر

<<  <  ج:
ص:  >  >>