في مجلة (المباحث) - وهي مجلة تصدر في تونس لخدمة الأدب والفن والتاريخ والفلسفة - قرأت فصلين متتابعين عن (كتاب ألف ليله وليلة)، فما انتهيت من قراءتهما حتى تبين لي أني نظرت هذا البحث من قبل، ولما أثرت الذاكرة ظهر لي أن الكاتب أخذ بحثه أخذاً كاملاً أميناً من بحث كتبه صاحب (الرسالة) عن (ألف ليلة وليلة)، ومن العجيب أن صاحب (الرسالة) قد حاضر بهذا البحث أبناء العراق، ونشرته مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، ثم مجلة المعرفة في مصر، وأثبتته (دائرة المعارف الإسلامية) في التعليق على مادة ألف ليلة وليلة وسجله صاحبه في كتاب (في أصول الأدب)، ولكن كل هذا لم يحمل الأستاذ التونسي على الإشارة إلى صاحب البحث إبراء للذمة.
ومنذ قريب تناولت مجلة أدبية سياسية تصدر في لبنان، فطالعت فيها قصه لشاب من أبناء لبنان يحسبونه في الكتاب وفي الشعراء أيضاً، ولكني ما كدت أنتهي منها حتى ذكرت إني قرأت تلك القصة في مجلة مصرية لكاتب مصري، وبعد المراجعة تبين لي أن لا فرق بين القصتين إلا أن الكاتب المصري جعل فتاة القصة من لبنان والكاتب اللبناني جعل فتاة قصته من مصر
وكم من عجائب وغرائب، وكلها من هذا القبيل، وإنها لجرأة أثيمة؛ فإن من الأمانة في العلم والإخلاص للأدب أن ينسب كل رأي لصاحبه، وأن يرد كل فضل لفاعله، وقد علمنا شيوخنا أن من شرائط الأدب والتأدب أن نسمي الاقتباس اقتباساً، والنقل نقلاً، وقالوا لنا أن من نسب رأياً إلى صاحبه فقد خلص من تبعته. أما سرقة الأفكار والتطاول بأنها من صنع الابتكار، فإنها لصوصية في تقدير الأخلاق، وجريمة في حكم القانون؛ وعجز يتدلى بصاحبه في عرف الناس.
ملاحم البدو:
قرأت في إحدى المجلات السودانية كلمة يقول فيها كاتبها:(إن في أشعار البدو الرحل في السودان وفي دوبيت العرب القاطنين أشعار كثيرة يتفق الخاطر فيها مع الخاطر العربي الأصيل، ويهيب بأبناء السودان وأدبائه أن يلتفتوا التفاتاً جدياً إلى هذا الضرب من الأدب المقارن.).