للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكنت قد قرأت كلمة للباحث الفاضل الأستاذ أحمد رمزي بك في جريدة الأهرام أشاد فيها بالملاحم العربية البدوية وقال: (إن ترك هذه الثروة الأدبية التي يملكها العالم العربي بغير بحث واستقصاء وجمع وتسجيل جريمة في حق الأدب الشعبي والفني، وإني أطمع في أن أجد جماعة منظمة تعنى بهذه الناحية وتجمع هذه الثروة الفنية خاصة وأن أثرها لا يزال عميقاً في نفسية شعوب العروبة).

والواقع أن ملاحم العرب البدو جديرة بالاهتمام والتسجيل، ولكنا تغاضينا عن هذا التراث وأهملناه إهمالنا كبيراً، وقد كان للأجانب شغف وعناية بهذا التراث أكثر من عنايتنا به، فهل آن الأوان لأن نهتم بذلك التراث الحافل، وأن نبذل له ما يجب من الدراسة والتسجيل؟

معلوم!

يزور أقطار الشرق العربي في هذه الآونة مستر دكسون المستعرب الإنجليزي استعداداً لإصدار مجلة باللغة الإنجليزية في لندن للدفاع عن قضايا العرب في الشرق الأوسط وشمال إفريقية، ويقول مستر دكسون إن مجلته هذه لن تكون ذات صبغة سياسة، ولكنها ستعنى بالثقافة والعلم والحياة العربية، وستوزع في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة لكي يعرف الغربيون أكثر مما يعرفون الآن عن حياة العرب وقضاياهم.

وليس مستر دكسون بالرجل الغريب عن أقطار الشرق العربي، فقد أمضى بها من قبل نحو عشر سنوات، وتنقل في مصر والسودان وفلسطين وطرابلس وغيرها من هذه الأقطار، وهو يتقن اللغة العربية ولا يزال جاداً في الإحاطة بآدابها وثقافتها، وقد أنشأ أخيراً الجمعية الاسكتلندية العربية وأسند رياستها إلى السير والتر ماكسويل سكوت كما استعان في رعايتها بالسفراء العرب في لندن، ويقولون إنه الآن بسبيل تأليف جمعية أخرى في دبلن بأيرلندا. . .

ولكن ما هذا كله؟ وهل مستر دكسون يبذل كل هذا العناء للدفاع عن العرب وقضاياهم حقاً كما يقول ويقول أنصاره؟!

إنها لمفارقة لطيفة، وإنه لأسلوب من أساليب الدعاية الاستعمارية خبرناه من قبل، ووقفنا على اتجاهاته وأهدافه، فما نال أبناء الشرق العربي من ضر مثل ما نالهم على يد أولئك الأصدقاء الأعداء الذين يتطوعون للدفاع عنا ويذرفون الدموع السخينة لحالنا وما هي إلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>