اطلعت في مجلتكم الزاهرة على كلمة الأديب محمد سيد كيلاني (اكتبوا للأطفال) ومع تقديري لاهتمامه بهذا العنصر الهام من عناصر نهضتنا العربية وتدوينه جهود الغربيين فيه آخذ عليه قوله بالحرف الواحد (أما في الشرق فلم يعن أحد بالاتجاه في هذه الناحية. . . الخ).
إذ قد قام المرسلون الأميركيون في بيروت ما بين ١٨٨٥ و١٨٩٩ بترجمة وطبع كتب كثيرة للأطفال باللغة العربية مثل حكاية روبنصون كروزو وغيرها من القصص الأدبية الأخلاقية (التي لا صلة لها بالدين) مكتوبة بأقلام كبار أدباء سوريا ولبنان يومئذ وموضوعاتها لذيذة وأساليبها شيقة تستهوي عقول الأحداث والأطفال وهي مزينة بالصور الجذابة، بل أذكر أنني كنت أقرأها وأنا طفل بين العاشرة والخامسة عشرة بشغف وسرور، وكان لدي العشرات منها وكانت جميعها مطبوعة طبعاً أنيقاً (وأحياناً مشكولة) في مطبعة الأميركان في بيروت ولعل الأديب الكيلاني يعثر في مكتبة خاصة أو في مكاتب بيروت على نسخ منها.
ثم إن كاتب هذه السطور (ولا فخر) أصدر مجلته الأسبوعية (مجلة الأولاد) في ١٥ فبراير سنه ١٩٢٣ وظل يصدرها أسبوعياً حتى ١٢ مارس سنه ١٩٣١ وكان يتراوح ما يطبع منها في مطبعة اللطائف المصورة بين ١٤ و١٦ ألفاً وكانت طافحة بالرسوم المضحكة التي تسر الأطفال وتقر عيونهم وتكتب شروحها باللغة العامية المسجعة وفي أواخر سنيها كان يكتب فيها بلغة صحيحة بسيطة وأضيف إليها معلومات علمية طبيعية وألعاب للتسلية ومسابقات ولم نوقفها إلا لأسباب فنية قاهرة، وكانت معظم رسومها شرقية مصرية وبعد أن أوقفناها سعى الكثيرون من الأدباء والأديبات إلى إنشاء مجلات للأطفال والأولاد على غرار مجلة الأولاد ولكن أغلبها لم يقو على مكافحة الأزمات، وكانت آخر محاولة من الأستاذة إجلال حافظ ومجلات أخرى أظن أنها ما زالت تصدر وأذكر أن مجلة الأسبوع الزاهرة وبعض الصحف بدأت بنشر مواد مصورة للأطفال.