للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلقى إساءتكم بمثلها بل وأشد منها. . .).

فانطلق بقية العبيد ينكرون هذا القول، ويدرءون الشبهات عن سيدهم وولي نعمتهم. . . بيد أنهم ما لبثوا أن عقدوا فيما بينهم رهناً مع (ألب) الذي أخذ على عاتقه أن يثير حفيظة سيده ويلهب غضبه. . . وقد تعهدوا بأن يدفعوا إليه بالثياب التي يحرمه منها سيده، ويقوموا مدافعين عنه أمامه أو يعمدوا إلى إطلاق سراحه أن حبس أو غل بالقيد!.

كان (ألب) راعياً مسئولا عن فِرْزِ من الغنم النادرة الغالية التي يعتز بها سيده. . .

وفي اليوم التالي حينما أقبل سيده في صحبة من أضيافه ليريهم ويمتع ناظرهم بتلك الأغنام الكريمة. . . غمز (ألب) بحاجبه لرفاقه وكأنه يقول لهم (انظروا الآن إلى أي حد سأثير غضبه وحنقه!.).

وتجمّع العبيد يمدون طرفهم من فوق سياج المرعى! وتسلق (الشيطان) شجرة سامقة حيث استقر فوقها وراح يرقب ما سوف يعمله (ألب) خادمه ورسوله.!

وتهادى السيد مع صحبه يعرض عليهم شياهه وحملانه. . . وانثنى يقول لهم وقد رنّ في صوته جرس الإعجاب والزهو: (إنها جميعاً كريمة نادرة، ولكن بينها كبشاً أصوف أعقص القرن - لا يقدر بمال - أعتز به كما أعتز بمقلتي.!).

وشاع الاضطراب بين حشد الأغنام، فانطلقت تعدو إلى جهة أخرى من المرعى، فلم تنهز للزائرين سانحة لرؤية ذلك الكبش الذي نوه صاحبه بجلال قيمته وعظم شأنه. . .

ولم تكد تستقر الشياه في مكانها حتى أثارها (ألب) من جديد فعادت تجري إلى كنف آخر، وهي تضطرب فيما بينها، وفوَّت على الزائرين نهزة اجتلائها وتبيُّن الكبش. . فلم يجد السيد بداً - وقد أدركه العناء وبرح به الإعياء - من أن يدعو (ألب) قائلاً: (أرجوك أن تحول بين ذلك الكبش الأعقص القرنين وبين الهرب وأمسك به معتنياً حتى تتاح لنا رؤيته)!

ما كاد السيد يقول ذلك، حتى انطلق (ألب) بين الشياه كالأسد الذي يسعى بين رعيل من الظباء!. وقبض على صوفة الكبش في عجلة وتناول رجلاً من أرجله فلواها في شدة حتى تهشمت عظامها وصارت له قعقعة الغصن اليابس حينما بطؤه الإنسان. . لقد حطم ساقه وجعله يخر على الأرض وهو يثأج ويثغي في ألم. . ثم لم يلبث (ألب). أن أمسك برجل

<<  <  ج:
ص:  >  >>