للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يا بن الزرقاء، أعلينا تتأول القرآن؟! لولا أني أرى الناس كأنهم يرتعشون لقلت قولا يخرج من أقطارها).

وكان لهذه الصرخة أثرها في الجماهير فانخذل مروان وانكسر ولم يعرف أن يقول غير هذه الكلمة: (ما يومنا منك بواحد)

لقد كان جبهها مروان شديداً عنيفاً حاطماً، وما باختيارها جبهته، ولكنه أحرجها. إن الذي بوسعها أن تفعله هو حيادها في أمر هذه البيعة غير المشروعة، وحسبها ذلك قهراً لنفسها وللواجب عليها، وكذلك كان: فلم ترد على مروان شيئاً لما أعلن بيعة يزيد، لكن مروان امتد أذاه إلى أخيها بغير حق، ثم امتد إلى ما هو أشد حرمة من أخيها وما لا يجوز لمسلم أن يقر عبثاً فيه، لقد امتد عبث مروان إلى كتاب الله يدعي أن آية نزلت في عبد الرحمن وهي لم تنزل فيه. . .

لم يكن للسيدة ولا لغيرها أن تسكت على هذا النكر الذي ارتكبه مروان نصرة لعصبيته السياسية.

وأي كان فقد امتنع عبد الرحمن بن أبي بكر عن البيعة وامتنع الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، وامتنع لامتناعهم أهل الحجاز.

كتب مروان بالذي كان لمعاوية، فأقبل نحو المدينة فلما دنا منها استقبله أهلها وفيهم الأربعة المذكورون، (فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبه وقال: (لا مرحباً بك ولا أهلاً).

فلما دخل الحسين بن علي قال: (لا مرحباً بك ولا أهلاً، بدلة يترقرق دمها - ولله - مهريقة).

فلما دخل ابن الزبير قال معاوية: (لا مرحباً بك ولا أهلا، ضب تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه).

فلما دخل عبد الله بن عمر قال معاوية: (لا مرحباً بك ولا أهلاً) وسبه فقال عبد الله: (إني لست بأهل لهذه المقالة)

قال معاوية: (بلى، ولما هو شر منها).

معاوية في بيت عائشة:

دخل معاوية المدينة وكله خوف من السيدة عائشة أن تشتد عليه فيما ابتدع وما يريد أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>