حينما سقطت مدينة تامور، كان بين الاحتفالات الشعبية، مباراة في التكشير، على خاتم قدمه قاض من حزب الأحرار. وكان أول المتبارين رجل فرنسي، مرّ عرضاً بتلك المدينة، وخيل إليه أن نحافته وقبح وجهه، ربما كانا عوناً له على نيل الجائزة، فوضعت له منصة أمام الجمهور وطلب إليه أن يصعد إليها وأن يواجه الناس. وابتدأ يشد عضلات وجهه، ويديرها يمنة ويسرة، وقد استطاع أن يظهر عشرين سناً من أسنانه في التكشيرة الأولى؛ وسرت همسات الاستياء بين الناس مخافة أن يظفر هذا الأجنبي بشرف الجائزة، ولكن حسن الحظ أظهر أنه لا يجيد إلا التكشير المرح، فلذلك لم يظفر بالجائزة.
واعتلى المنصة بعده إنجليزي، يعتبر الأول في فن التكشير، فأجاد إجادة لا مزيد عليها، حتى لقد قيل إن عشرات من النساء الحبالى أجهضن، ولكن المحكمين أخبروا بأن الرجل يعقوبي (نسبة إلى أتباع الملك جيمس الثاني أو ابنه)، وساء الجمهور أن ينال رجل يخرج في عقيدته السياسية على العرف العام، وأن يصبح بطل التكشير في المقاطعة، فطلبوا إليه أن يقسم يمين الولاء للنظام الحاضر، فرفض وكان السرور عظيماً بإخراجه من بين المتبارين
وتقدم بعده للمنصة عشرات من المتبارين كان سوء الحظ حليفهم، ولست أنسى من بينهم فلاحاً يعيش في طرف ناء من المقاطعة، رزقه الله فكين طويلين، كشر بهما عن سحنة الشياطين نعوذ بالله منها. وقد أدهش الجمهور بمهارته في تكشيرة معقدة، وكادت الجائزة أن تعطى له لولا أن أحد المتبارين برهن للمحكمين على أنه استعمل الغش في المباراة؛ ذلك أنه قد مرن عضلات وجهه على نوع من عصير الفاكهة أكسب تلك العضلات هذا اللين العجيب، وأن حبة زعرور قد وجدت قريبة من مكان وقوفه، فوافق المحكمون على إخراجه باعتباره محتالاً.
وتقدم بعد هؤلاء إسكافي يدعى جيلز جورجون دلت المقدمات على أنه سيربح الجائزة لإظهاره ألواناً من التكشير، اخترعها، وهو يجاهد في رتق الأحذية. لقد ذهبت الملامح الإنسانية من وجهه في التكشيرة الأولى؛ وانقلب وجهه في الثانية إلى ما يشبه المزراب، وأصبح قرداً بشعاً في الثالثة، وأصبح رهيباً كذئب البحر في الرابعة، وككسارة اللوز في الخامسة، وكان إعجاب الجمهور عظيماً بمهارته فمنح بالإجماع الخاتم الذهبي. وأعجب ما