أتبع الشاعر الفصل السابق بفصل عنوانه (نصيحة أمير نجاة النقشبندي المعروف ببابا الصحراوي، التي كتبها لمسلمي الهند).
وهو فصل ممتع بلغ فيه الكاتب من سمو الشعر، وعظمة النفس مبلغه. ثم أتبعه بكلمة عنوانها (الوقت سيف) وهذه ترجمتها: -
سقى الله ثرى الشافعي، كما استقى الناس من فيضه، لقد اقتطف فكره كوكباً من السماء، حين سما الوقت سيفاً ذا مضاء، ماذا أقول في سر هذا السيف الذي يفيض بالحياة ماؤه؟ إن صاحبه فوق الخوف والرجاء، ويده أنصع من يد الكليم البيضاء، يلين الحجر لضربته، وييبس البحر لهيبته، كان هذا السيف في يد موسى فعلا أمره على التدبير، شق صدر البحر القلزم، فانقلب براً ذلك العيلم، وكان في كف حيدر فاتح خيبر، ذلك السيف العظيم الأثر.
إن البصير يرى دوران السماء، ويدرك تقلب الليل والنهار في الفضاء، أنظر يا أسير الأمس والغد، تر في قلبك عالماً لا يحد، زرعت بذور الظلام في طينتك، وتوهمت الوقت خطاً بجهلك، ثم قست طول الزمان بمعيار الليل والنهار، واتخذت هذا الخيط زناراً، فملت إلى الأصنام واتخذت الباطل متجراً، كنت كيمياء فانقلبت قبضة طين، وولدت الحق ثم صرت الباطل المهين.
إن تكن مسلماً فتحرر من هذا الزنار، وكن شمعاً في محافل الأحرار. لقد جهلت أصل الزمان فجهلت الحياة الخالدة، يا أسيراً في الليل والنهار مثواه، تعرف رمز الوقت من (لي مع الله) كل شئ من سير الوقت ظاهر، والحياة سر من أسرار الوقت الباهر، ليس الوقت من دوران الشمس العلية، هو أبديّ وهي ليست أبدية، الوقت هو السرور والغم، والعيد والمأتم، وهو سر الضياء، في القمر وذُكاء، قد بسطت الوقت كالمكان، ثم فرقت بين الأمس والغد في الحسبان، يا من جفلت كالشذى من بستانك، وبنيت سجنك بيدك! إن وقتنا الذي لا أول له ولا آخر، ينبت من بستان الضمير الناضر، الحياة من الدهر والدهر من الحياة، وقد قال الرسول لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله.
استمع نكتة تضيء كالدر، لتعرف فرق ما بين العبد والحر: العبد ضال في الليل والنهار،