سافر، ولقد ظلت النفوس عامرة بهذا الشك حتى جاءت الحرب الثانية بأهوالها فأنضجته وأثارته عند أبناء الشرق العربي المخمورين بالنغم الروحي.
ومهما يكن من شيء فإننا الآن بازاء مذهبين في تقدير مهمة الأدب والأدباء، رأي يقول: الأدب للأدب، أو الأدب لتغذية الروح والعواطف والعقل والفكر، ورأي يقول الأدب لإسعاد الشعب وإطعامه والدفاع عن حقه في العيش والحياة الرغيدة، ولن نلبث قليلاً حتى نشاهد معركة حامية بين الرأيين، والتقديرين!
الموت الأحمر:
على أن هذا التمرد ليس خاصة في مصر وحدها، فقد تلقيت العدد الأخير من مجلة (المواهب) التي يصدرها أبناء العروبة في المهجر الأمريكي فطالعت فيها مقالاً افتتاحياً مطولاً قصره محرر المجلة على الحديث عن (نهضتنا الأدبية الحديثة)، وبعد أن أطرى الكاتب ما في هذه النهضة من ظواهر القوة والتوثب قال:(إن أدبنا الحاضر في الأعم الأغلب أدب نقل وصنع لا أدب سجية وطبع، أدب فروع لا أدب أصول، أدب لهوجة وسمعة لا أدب إتقان ورفعة. وعلاوةً على ذلك فهو الآن يطغي عليه - كما تعاون على تكوينه من قبل - فقران جائران: فقر القلوب وفقر الجيوب والفقر في عرف جميع الناس هو الموت الأحمر. وقد نشأ أدبنا وشب على هذه الحال الضعيفة السقيمة، وفي كنف هذه البيئة الخاملة القانعة بأيسر الأمور. وتفاقمت العلة وانتشر الداء. . . حتى أسلم الأدب أمره إلى التزلف والاستجداء. ونعوذ بالله من التزلف والاستجداء فإنهما الخزي بعينه، وإنهما ليقتلان الضمير قتلا، حتى لا يدعا في قرارة النفس ذرة من العزة والشهامة ولا قلامة من المتعة والكرامة).
وأعود فأقول إنها نزعة طارئة، كانت أثراً من أثر تلك الحرب الجهنمية في النفوس، وكان من المتوقع أن تكون، ولن يضير الأدب أن تكون. . .
إنشاء كرسي باسم شوقي بك:
تقدمت وزارة المعارف إلى مجلس الوزراء بمذكرة تطلب فيها إنشاء كرسي بقسم اللغة العربية باسم المغفور له أمير الشعراء أحمد شوقي بك لتدريس الأدب العربي الحديث في