فداء الأمير سولفا، وما كاد الناب يغرز في الثدي حتى هتفت وقالت: لا لا. نفسي فداء الوطن. ورمت الثعبان من النافذة. وإنها لتفعل إذا رسول بالباب يقول سيدتي هذه خوذة الأمير سولفا يرسلها إليك وهو جريح نعالجه وسيشفى عن قريب، فقالت: وا فرحتاه! ووصلت الرسول بما يستحقه.
حاصر أورل بجيشه تدمر، وطال الحصار فملّ، ونفدت مؤن المدينة، وتضاغى الناس جوعاً، فجمعت زينب المجلس الحربي، فلقيها القادة باكين، فقالت لم البكاء أيها الأبطال؟ إما الموت، وأما الحياة!
أخرج بكم أيها الأبطال، من السرداب الخفي الذي يصل تدمر بنهر الفرات. ثم أسير إلى ملك الفرس وأعلن له قبول خطبته إياي، ثم نرجع بجيش وعدةٍ من عنده، فنكرّ على الروم، ونمزقهم شر ممزق!
فأكبرت زينب إخلاص ابنتها، وتفاديها وتضحية حبها في سبيل الواجب، وأكبر القواد إخلاص أميرتهم وشجاعتها.
في تلك الساعة قال زيد بن المعني لأورل قائد الروم: إن بين الفرات يا سيدي وبين المدينة سرداباً خفياً، ترسل منه زينب رسولها إلى بهزاد، ليمدها بالرجال والزاد، قال إذن الليلة تمسكون الرسول، وتفتحون الأبواب، وتدخلون المدينة، وتدكون القصر دكاً دكاً وتثلون العرش ثلاً ثلاً!
وما غشي الليل واختلط، حتى كانت مي متقلدة حمائل سيفها تتقدم القواد في السرداب، وتشجعهم. وما أطلت حتى كان زيد يطوقها بجنده، فأهابت به قائلة الويل لك أيها الخائن، وأقامت تحارب وتناضل ما تقدر أن تفعل، وودت لو تقتل ولا تؤسر، إلا أن أورل أقبل بجيشه فأسرها، وفتح المدينة، وأسر زينب، لكن لم يثل العرش ثلاً، وإنما توّج على سرير تدمر زيد الخائن.
سيقت زينب وابنتها والقواد إلى منزل الذل والهوان، وحكم أورل على زينب بالصلب، وفي الساعة التي كادوا ينفذون بها الحكم، كان قائد جميل روماني يدفع الجموع بمنكبيه، ويهب بالجلاد قائلاً: رويدك أيها العِلج. ويتقدم إلى أورل، ويركع عند قدميه، ويقول: أنا