افتتحت جامعة أدباء العروبة شعبة ثالثة لها في المنصورة في اليوم العاشر من (إبريل)، واتخذت من دار الأستاذ سعد الشناوي رئيس الشعبة الجديدة مكاناً للمهرجان، وحرص صاحب المعالي دسوقي باشا أباظة رئيس الجامعة على اختيار هذا اليوم بالذات لأنه يتصل بذكريات حبيبة تجعل عوامل الإلهام، وبواعث الشاعرية، وينابيع البيان، دانية لمن يريد أن يقول. فهو يعيد إلى الذاكرة صفحة مشرقة من صفحات المجد القومي يعتز بها الشرق كله بشهادة دار ابن لقمان، وهو يوافق عيد مولد جامعة أدباء العروبة ومرور العام الأول على تأليفها، ثم هو يقبل مع الزهور في بواكير الربيع، ويأتي في أعقاب جلاء الإنجليز عن المدائن المصرية.
ومن هذه المعاني المؤتلفة، والذكريات المتفقة، يجد الأديب مداداً لكلماته، ويرى الشاعر أفقاً واسعاً لخياله، فإذا جمعنا إلى هذا كله ما تميزت به المنصورة من سحر وجمال وروح وريحان لم يبق لصاحب البيان الأصيل حجة في عدم الإمتاع، ولا لذي الباع الطويل في الشعر معذرة في القصور عن الإبداع.
وقد تبارى الشعراء والأدباء في القول فأسمعونا كلاماً ليس حسناً كله ولا قبيحاً كله، ولكنه يتصل بالحسن أحياناً فيثير العواطف ويهز المشاعر، ثم يهوي إلى درك القصور والتفاهة فينصرف عنه المستمعون ويتحدث بعضهم إلى بعض فيما لا يتصل مع هذا الكلام بسبب!
كان أول الخطباء هو الأستاذ حسين رأفت بك مدير الدقهلية، وكان الناس يعتقدون أن كلمته ستكون أدنى ما تكون من لغة الإدارة منها إلى لغة الأدب، فلما استمعوا إليه كأديب وكخطيب أدركوا أنه أديب بالفطرة لا بالكسب، وكاتب بالطبع لا بالتكلف!!
ولعله الخطيب الوحيد الذي تكلم عما للأدب من أثر في حياة الأمم، وما للشعر من فعل في تهذيب العاطفة وتربية الوجدان وتنشئة الذوق الأدبي، وطبعه على غرار يمكن أبناء الأمة من إدراك ما في الحياة من معاني السمو والجمال، ومن عباراته اللطيفة قوله (وهل هز شاعر الأمم في كل العصور وحدا بها إلى غايات المجد على مر الدهور، إلا تلك البروق