بالصيد أيضاً، فلو رأيتها في زيه لما ونيت دقيقة بأن تحسبها ديانا نفسها. فالشيء الوحيد الذي يفرق بينهما هو أنها اتخذت قوساً قرنية، بينما اتخذت ديانا قوسها من الفضة الخالصة. وفي ذات يوم بينما هي راجعة من الصيد التقى بها بان - إله الرعاة والقطعان - وأخذ ينظم لها العقود المنضدة من عبارات الغرام. ولكنها جعلت ذلك دبر أذنيها وولت هاربة بيد أن بان حفز في أثرها، وأدركها عند ضفة النهر؛ وهنالك طلبت المعونة من صويحباتها - عرائس الماء - فوافقن على إجابة طلبها. أما بان فطوقها بذراعيه، ولكنه سرعان ما دهش عندما رأى أنه يطوق مجموعة من القصب! وعندما تنهد، سمع للهواء صوتاً داخل القصب، وكانت النغمة حزينة مطربة، وأعجبته حلاوة موسيقها، وكان لها وقع عظيم في نفسه؛ فقال مشدوهاً من شدة الفرح:(وهكذا ستكونين لي!). فأخذ بضع قصبات متفاوته في الطول والقصر، ووضع بعضها بجانب البعض الآخر، ووضع آلة موسيقية جديدة أسماها سرنكس، تذكاراً لتلك الحورية). وما كاد عطارد ينهي أقصوصته حتى مد النعاس إلى الحارس ذراعيه، وطوق بهما عنقه، فأعفى. ولما رأى عطارد أن الحارس قد اطمأن إلى النوم، فصل رأسه عن جسمه بضربة قاضية دحرجته عن الصخور، وأطفأت نور عيونه المائة إلى الأبد أما يونو فأخذت عيونه وزخرفت بها ذنب طاووسها ولا تزال عليه إلى اليوم.
ولكن يونو لم تكتف بالانتقام من إيو على هذه الصورة، بل سلطت عليها ذبابة خيل لتسومها سوء العذاب أينما تذهب وتحل. أما إيو فطافت العالم كله لتأمن شرها: سبحت في البحر الأيوني الذي اشتق اسمه من اسمها وقطعت سهول اليريا وصعدت في جبل هيموس واجتازت مضيق البوسفور وجالت في أراضي سيثيا حتى وصلت أخيراً إلى ضفاف النيل؛ فاستشفع المشتري لها زوجته بعد أن وعدها أن لا يولي خليلته أي اهتمام بعد ذلك الوقت؛ وعندئذ سمحت زوجته لإيو أن تسترجع شكلها الأصيل. وكم يبدو غريباً أن تشاهدها وهي تسترجع ذلك الشكل، فيسقط الشعر الخشن عن جسمها ويتقلص قرناها، وتضيق عيناها، ويقصر فمها، وتستبدل بأظلافها أنامل رخصة؛ غير أنها كانت تخشى الكلام ظناَ منها أنها ستخور؛ ولكن ثابت لها بالتدرج شجاعتها وثقتها بنفسها؛ فذهبت لتعيش مع أخواتها وأبيها.