للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وللكتاب أهمية من ناحية أخرى إذ هو يرينا تأثره إلى حد ما بروسو وستندال ودكنز وبخاصة في قصة دافيد كوبر فيلد التي هي في الواقع حياة دكنز في بيئته الأولى مقنعة كما شاء القصصي العظيم، وكانت هذه القصة كما ذكرنا تنشر تباعاً يومئذ مترجمة إلى الروسية في مجلة المعاصر. . .

وحفزه نجاحه في كتابه الأول إلى أن يكتب (عهد اليفاعة) فأقبل على ذلك في نشاط وأمل وغبطة؛ وكان أثناء كتابته (عهد الطفولة) قد كتب بعض الأقاصيص عن حياته في الجندية ومنها (قطع الغابة) و (الغارة)، وقد أرسل هذه الأخيرة إلى مجلة (المعاصر) فنشرتها وقد اطمأنت إلى القصصي الشاب؛ ولكن الرقيب شوه بعض أجزاء هذه الأقصوصة حتى لقد اشتكى مؤلفها قائلا (لقد قضى عليها الرقيب، فقد محا كل ما كان حسناً فيها أو بدله).

وأقبل القصصي الشاب على مذكرته يثبت فيها ما يعتزم كتابته من قصص؛ وكلما طرأ على خاطره موضوع يصلح لقصة عجل بإثباته ودون ما يعن له من ملاحظات ليعود إليها في حينها، وكلما أعجبته حادثة أو شخصية ممن يحيطون به كتبها مخافة أن ينساها ليجدها فيما بعد حين يأخذ في بناء قصصه وهكذا بث نجاحه الأول في نفسه كثيراً من الأمل والنشوة. . .

أخذ يزداد سأم الفتى من القوقاز ومن حياة الجندية يوماً بعد يوم، منذ أن ذهبت عن تلك الحياة جدتها؛ واشتد ضيقه في شهر أكتوبر سنة ١٨٥٢ حتى إنه ليكتب في يومياته إنه يعد سني نفيه من ذلك التاريخ، ويقول فيما يُشعر بالأسى إنه لن يستطيع أن يعتزل خدمة الجيش إلا سنة ١٨٥٥ (وعندئذ أكون في السابعة والعشرين من عمري، وما أكثر ما أكون من الكبر في هذا السن!. . . ثلاث سنوات أخرى في خدمة الجيش منذ اليوم؟ إن عليّ أن أقضيها فيما يجدي).

وفي مستهل سنة ١٨٥٣ يقول (يا للناس من أغبياء! إنهم جميعاً وبخاصة أخي لا يدعون الخمر، وهذا شيء أراه كريها. . . إن الحرب أمر باطل. . . هي شر لا ريب حتى إن الذين يخوضون غمارها ليحاولون تلقاءها أن يخنقوا ضمائرهم. أحق ما أنا فاعل؟ أرشدني يا إلهي واغفر لي إن كنت أعمل باطلا). . .

والحق إنه لولا ما كان يصادفه في القوقاز مما يكون مادة طريفة لفنه من الناس والحوادث

<<  <  ج:
ص:  >  >>