المعروف بالجصاص الرازي الحنفي المتوفى سنة ٣٧٠ ثم الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن محمد المعروف بالكيا الهراس الشافعي البغدادي المتوفى سنة ٥٠٤.
وأهمية كتاب الإحكام لإلكيا تأتي بنوع خاص من ناحية إنه ألفه على طريقة الإمام الشافعي وعلى أصوله في استنباط أحكام الفقه من آيات الكتاب العزيز كما يقول في مقدمته.
ولأنا لا نعلم عن كتاب الأحكام الذي ألفه الشافعي - كما يقول صاحب الكشف الظنون - شيئاً ولأنه من ناحية أخرى ليس لدينا إلى اليوم كتاب مطبوع في تفسير آيات الأحكام على طريقة الشافعي مع كثرة هذا النوع من التفاسير في المذاهب الأخرى، ولأن إلكيا الهراس كتب كتابه الأحكام بعد الإطلاع على كتب من تقدمه من الحنفية والمالكية في الأكثر الغالب - نرى إن أحكام القرآن للهراس ذخيرة علمية يجب الانتفاع بها وحبذا لو قام بطبعه ونشره من يهمهم نشر البحث العلمي في هذا البلد فإنهم يؤدون بعملهم هذا خدمة جليلة للفقه الإسلامي ويحيون أثراً قيماً من آثار أسلافنا الأمجاد.
وفاته ورثاؤه
توفي إلكيا الهراس وقت العصر من يوم الخميس مستهل المحرم سنة أربع وخمسمائة في بغداد ودفن بباب أبرز في تربة الشيخ أبي أسحق الشيرازي وكان مولده - كما تقدم - في خامس ذي القعدة سنة خمسين وأربعمائة فيكون قد عاش ثلاثاً وخمسين سنة وقريباً من شهرين وحضر دفنه الشيخ أبو طالب الزيني وقاضي القضاة أبو الحسن بن الدامغاني - وكانا مقدمي الحنفية في بغداد وكان بينه وبينهما في حال الحياة منافسة وتنافر مما يكون بين الأقران فوق أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أبن الدامغاني متمثلاً:
وما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس
وأنشد الزيني متمثلاً:
عقم النساء فلا يلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم
ونقل أبن خلكان عن أبن عساكر في تاريخه الكبير إن تلميذ إلكيا أبا أسحق إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور رثاه ارتجالاً فقال:
هي الحوادث لا تبقى ولا تذر ... ما للبرية من محتومها وزر
لو كان ينجي علو من بواثقها ... لم تكسف الشمس بل لم يخسف القمر