العربية، وقد أشرنا إلى مظاهر هذا النشاط ومقاصده الطيبة في أعداد الرسالة السابقة، ويسرنا أن نشير اليوم إلى خطوة سديدة خطتها الجامعة في هذا السبيل، ذلك إنها قررت أخيرا أيفاد أساتذة محاضرين من مصر إلى عواصم الأقطار العربية الأخرى، واستقدام أساتذة محاضرين من تلك الأقطار إلى مصر والى غيرها من الدول العربية لإلقاء محاضرات عامة تقوية للروابط الثقافية بين أقطار العروبة.
وأنها كما قلنا خطوة موفقة تدعو إلى الغبطة والاطمئنان على مستقبل العالم العربي ومستقبل الوحدة العربية، فإن الوحدة الثقافية في الواقع أساس الوحدة السياسية ولن تجتمع كلمة العرب في القصد إلى هدف سياسي واجتماعي موحد إلا إذا تقارب اتجاههم في التفكير وتوحدت وجهتهم في الإدراك العقلي والثقافي، غير إننا نعود إلى ما سبق أن حذرنا الأمانة العامة للجامعة العربية من الوقوع فيه، وهو الاقتصار في النهوض بهذه المهمات على الرجال الرسميين والأساتذة الموظفين، بل يجب أن تجعل ذلك ميدانا مفتوحا يجرى فيه رجال الفكر والثقافة المتحررين من ربقة الرسميات وتقاليد الوظائف لأن التفكير الرسمي أجدب ما يكون في خدمة تلك الاتجاهات والنهوض - كما يجب - بمثل هذه المهمات. . .
شاعر. . . وطباخ:
قرأت في إحدى الصحف العربية التي تصدر في المهجر الأمريكي نبأ طريفا تقول فيه: علمنا أن حضرة المواطن الفاضل الشيخ حسين أبو حمزة شاعر الجيل الفذ المشهور نزيل مدينة جكسنفيل قد افتتح مطعما جميلا في تلك المدينة، فنرجو الله أن يوفقه في تجارته وان يدعمه بلبلا غريدا في حقل الشعر. . .
وضحك صاحبي الذي كان يستمع لما قرا وقال: أظن أن شعر صاحبنا هذا تفوح منه روائح البهار والتوابل، وأعتقد إنه مما تشتهيه البطون. . . ثم اندفع يعلق على هذا الكلام فقال: لقد كان المرحوم الأستاذ محمد السباعي يقول: لا تقل يانسيم الصبا وياريح الغرام، بل خير لك أن تقول: يا نسيم المطبخ ويا ريح الشواء، وكان يقول أيضا: لأجل أن تعيش لا تكن أديبا فحسب، بل كن ادبيا وصانع أحذية أو أديبا وبائع لعب أو أديبا وشيئا من ذلك. . . وتصور أنت إن أديبا من أدبائنا الكبار افتتح مطعما أو احترف حرفة من هذا القبيل،