تبدلوا بإيمانهم كفراً وهم يتدارون سلطان القفجاق لعظيم سلطانه وأخذه بخناقهم لقربه منه.
ويقرر الأصطخري أن لغة البلغار والخزر تفترق عن لغة الترك، وأن لهجات القيرغيز والقبجاق تركية محضة وهذا يتفق مع أبحاث العلماء الأوربيين الذين وصلوا ما بين القيرغيز والقبجاق كما قلنا. ويقرر الأمير شكيب أن لغة الترك الرحالة الساكنين حول نهر الأنيل وهو الفولجا، أنقى من لغات أهل المدن وهو قول صريح في أن لغة القفجاق كانت من أنقى لغات الترك.
ويقرر علماء العرب أن نهر أنيل هو المركب عليه مدينة سراي وهي تقع جنوبي ستايلنجراد وهو ينبع في ذيل جبل قاقونا ثم يتجه جنوبا آخذاً بغرب في صحاري القفجاق على شمالي معادن الفضة حتى يصب في بحر طبرستان.
وفي ياقوت عند كلامه على مدينة (كرش) بلدة صغيرة على ساحل بحر الأزق أهلها قبجاق كفار، ويقابلها من البر الآخر الطامان. وفي كلامه على (كفا) يقول (هي على ساحل بحر القرم وهي شرقي صوداق وعليها سور من لبن ومن شماليها وشرقيها صحراء القبجاق. وعنه حينما تكلم على حملات التتار (وقتلوا القبجاق في بواديهم حتى انتهوا إلى بلغار في نحو عام واحد).
ومدينة (كفا) هي الميناء الذي كان أهل جنوا والبندقية ينقلون منه فتيان المماليك من أهل هذه البلاد لتسليمهم إلى ملوك مصر مدة دولتي المماليك البحرية والجراكسة، ولقد وصل الظاهر بيبرس إلى تسهيل هذه التجارة باتفاقه مع ميخائيل باليولوج ملك بيزانطة للترخيص بمرور السفن عبر البوسفور في ذهابها إلى البحر الأسود وعودتها إلى مصر.
وجنى أهل جنوا والبندقية أرباحاً طائلة من هذه التجارة كما كانوا يتاجرون بالرقيق الأبيض من فتيان الشرق إلى أوربا، ومن نقل فتيان المجر والصقالبة وغيرهم من أوربا إلى الشرق، وقد عثر على سجلات بالأثمان التي كان يباع بها الرقيق، وأن عدد المماليك الواردة من نواحي البحر الأسود لمصر كان لا يقل عن. . . ٢ مملوك تضم كل سنة إلى جنود سلاطين مصر.
وليس هنا موضع بحث هذه الناحية فقد يتسع البحث ويعرض لموضوع تنظيم هذه التجارة والاتفاقات التي كانت قائمة والقواعد التي كان معمولا بها وهذا مما يخرجنا عن موضوعنا.