للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن أهم ما يربط التاريخ المصري بالقفجاق هو ما جاء بصبح الأعشى نقلا عن مسالك الأبصار وهو (ومنهم معظم جيش الديار المصرية من ملوكها وأمرائها وجندها، إذ لما رغب الملك الصالح نجم الدين أيوب في مشترى المماليك منهم، ثم صار من مماليكه من انتهى إلى الملك والسلطنة، فمالت الجنسية إلى الجنسية، ووقعت الرغبة في الاستكثار منهم حتى أصبحت مصر بهم آهلة المعالم، محمية الجوانب فهم بقمار مواكبها وصدور مجالسها وزعماء جيوشها وعظماء أرضها).

(وحمد الإسلام مواقفهم في حماية الدين حتى إنهم جاهدوا في الله أهليهم).

إذ يظهر أن جل المماليك الذين أطلق عليهم اسم البحرية كانوا من قبائل القفجاق مثل بيرس وقلاوون وفارس الدين اقطاي وغيرهم فأحاطوا أنفسهم بمماليك وأمراء من جنسهم.

ويفسر النزاع الذي قام بين المعز وهو تركماني وبين المضفر قطز وهو خوارزمي بعد ذلك وبين البحرية من جهة أخرى هو اتفاق الجنسية بين المماليك البحرية وتفاهمهم وتعاونهم وعدم وجود قوة منظمة متماسكة تقف في سبيلهم، ولذلك وصلوا إلى فرض إرادتهم على من نازعهم من الجناس التركية الأخرى وبرزوا في التاريخ.

وللمماليك البحرية موقفان: أحدهما في المنصورة والثاني في عين جالوت، وفي الثاني يقول صاحب مسالك الأبصار (وكفى بالنصرة الأولى يوم عين جالوت في كسر الملك المضفر قطز عساكر هولاكو بعد أن عجز عنهم عساكر الأقطار واستأصلوا شأفة السلطان جلال الدين محمد بن خوارزم شاه) وقتلوا عساكره مع أن الجيش المصري بالنسبة إلى العساكر الجلالية كالنقطة في الدائرة والله يؤيد بنصره من يشاء).

وفي تاريخ المماليك الأتراك فترات غامضة يفسرها لنا النزاع القائم بين الأجناس المختلفة، فالمعز أيبك التركماني اعتمد على البحرية في وقت ما ثم حاربهم، وقطز وهو خوارزمي حاربهم وصالحهم ثم قتلوه، وحاول زين الدين كتبغا أن يوجد حوله عصبية من جنسه فضاع الملك منه، وكان بيبرس الجاشنكير من البرجية فلم يثبت له ملك، وتمسك الأمراء ببيت قلاوون لأن الغالبية منهم وهم من جنس واحد مع أولاد المنصور قلاوون وهكذا عاش هذا البيت رمزاً للرئاسة مدة أطول من غيره.

وفي الجزء الرابع من صبح الأعشى: (أما في زماننا فإنه منذ قام السلطان الملك الظاهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>