أقدامها صريعا مجندلا بسهامها النارية مفكراً بإيماءاتها الخفية:
يمددن من هفواتهن إلى الصبي ... سبباً يصدن به الغواة طوالا
ويذهب الأخطل إلى أبعد من ذلك في إظهار معايب المرأة الخلقية فيصفها بالمماطلة في العهود، وبعدم الوفاء بالوعود، فهي مشهورة بالخلف، معروفة بالمطل فيقول:
وإذا وعدتك نائلا اخلفنه ... ووجدت عند عداتهن مطالا
وأروع من هذا المعنى في وصفه لهذا النوع من خلف بعض النساء قوله:
إذا مطل الدين الغريب فأنها ... على كل أحيان تحل ديوانها
والأخطل لا يني عن التهجم على المرأة ونعتها بسرعة التبدل وكثرة التحول فهو يقول:
يرعين عهدك ما رأينك شاهداً ... وإذا مذلت يصرن عنك مِذالا
فما دمت بقربها تقدم لها فروض الحب والطاعة، وما دمت حاضراً بين يديها تطري جمالها وتصفها بكل ما في قاموس الجمال من أوصاف، فهي تحبك وهي باقية على عهدك وإلا فنصيبك النسيان إن قصرت في ذلك أو نأيت قليلا عنها.
ويلتفت الأخطل التفاته أخرى تدلنا على ما في نفسه من نقمة على المرأة وحقد عليها فهو يصف غرابة تصرفها مع الرجل وشذوذ سلوكها معه، فهي تتخاذل أمام من يظهر لها الضغينة، وتتفانى في حب من يمتنع عليها ويظهر لها الجفوة، ولعل هذا يعزي لضعفها الطبيعي من جهة ولروحها الخيالية من جهة أخرى، فالرجل الذي لا يظهر لها ضعفاً ولا يبدو أمامها متخاذلا لا شك يشعرها بقوته وسلطته، كما أنه إذا ما ابتعد عنها ولم يتقرب كثيراً منها ستبقى تنسج حول شخصيته أخيلتها وتتصور فيه فتى أحلامها فيزداد حبها له ويكثر تعلقها به. والأخطل يصور لنا ذلك بقوله:
اذا احتثها الركبان كان ألذها ... إلى ذي الصبي ذو ضغنها وحزونها
أما رأي الأخطل في عقل المرأة فرأي يكاد يغضب كل النساء، والمتعلمات منهن كما قلت خاصة، فهو لا يرى فيها غير ضعف العقل وخطل الرأي وقلة التفكير، فالمرأة في نظره لا تصلح للحياة العقلية ولا تصلح لإبداء الرأي السديد ولكنها حاذقة في تسديد السهام إلى القلوب، ماهرة في اللعب في العقول عن طريق العيون:
يبرقن بالقوم حتى يختبلنهم ... ورأيهن ضعيف حين يختبر