للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأكثر من هذا سخرية بعقل المرأة وحطاً من قيمته ذلك الكيل العجيب الجائر الذي يزن به الأخطل عقل المرأة فهو يقول:

وإذا وزنت حلومهن إلى الصبي ... رجح الصبي بحلومهن فمالا

يوضح لنا الأخطل ناحية أخرى من نواحي نفسية المرأة، تلك هي موقفها من الشيب والشباب فيصور لنا فرار الغواني من هؤلاء المساكين الذين بلغوا من العمر عتيا والذين استنزف كر السنين منهم ماء الحياة وسطر مر الأعوام في وجوههم تجاعيد الكوارث والأحداث فهو يقول:

يا قاتل الله الغانيات وصل الغانيات إذا ... أيقن انك ممن قدزها الكبر

أعرضن لما حنا قوسي موترها ... وابيض بعد سواد اللمة الشعر

لا يرعوين إلى داع لحاجته ... ولا لهن إلى ذي شيبة وطر

يظهر أن الأخطل كان تبع نساء ولكنه ليس موفقا كعمر ابن أبي ربيعة، فهو لم يقعد عن متابعتهن وعن مضايقتهن حتى في أيام شيخوخته حتى اضطررن آخر الأمر إلى طرده بقسوة واستهزاء فهو يخبرنا عن ذلك بقوله:

يقلن لا أنت بعل يستقاد له ... ولا الشباب الذي قد فات مردود

وقول الأخطل:

هل الشباب الذي قد فات مردود ... أم هل دواء يرد الشيب موجود

يحمل المرء على الرثاء لحال هذا الشيخ الذي يبكي صباه ويحن لأيام شبابه ويفتش عن ذلك الدواء الذي أعيا العلماء والأطباء إيجاده، ويجد المرء نفسه اكثر من هذا عطفا على الأخطل حينما يسمع قوله:

اعرضن فن شمط في الرأس لاح به=فهن منه إذا أبصرنه حيد

قد كن يعهدن مني مضحكا حسنا ... ومفرقا حسرت عنه العناقيد

فهن يشدون مني بعض معرفة ... وهن بالود لا بخل ولا جود

فقوله: (وهن بالود لا بخل ولا جود) مما يبعث في النفس الرثاء لحال ذلك المسكين الذي تقف الغواني منه هذا الموقف الحيادي، فهو من قلة الأهمية ومن التفاهة بحيث لا يثير في نفوسهن حباً ولا بغضاً كما لا يثير في قلوبهن العواطف المضطربة والأحاسيس المتباينة

<<  <  ج:
ص:  >  >>